للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأوضح الطريقة ونصح الخليقة، وشهر الإسلام، وكسر الأصنام، وأظهر الأحكام، وحذر الحرام، وعم بالإنعام. اللهم فصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه البررة الكرام وعلى أزواجه وذريته في كل محفل ومقام.

أما بعد أيها الناس ارمقوا العواقب بعقل الفكر، وانظروا لأنفسكم أجمل النظر، وادرعوا لأهوالكم مدارع الحذر واحتقبوا زادًا كافيًا لبعد السفر. فما لكم عن الرشد ناكبين، وفي مواطن الجد لاعبين، وأحلام المنايا بكم صادقة، وسهام الرزايا بكم واثقة؟ ألا غاسلاً قلبه بفيض مدمعه، ألا موقظًا قلبه بذكر مرجعه، إلا مشفقًا من مفاجأة هجوم مصرعه، ألا متأهبًا لركوب هول فزعه، ألا ممهدًا لطود وحشة مضجعه، قبل أن تخلو المنازل من أربابها، وتؤذن الديار بخرابها، وتهتك الحلائل لعظم مصابها، وتندب على فراق أحبابها، وتلتحق الأجساد بترابها، قبل أن تقبل الساعة فجائعها وتنشر الخلائق لحسابها، وترتهن باكتسابها، وتنكر القبائل معارف أنسابها. يومئذ تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتجازى كل عاملة بما صنعت، ذلك يوم زال غشه ونفاقه، وطال الشر ووثاقه، وعسر على المذنبين مساقه، وتجلى للحكومة فيه خلاقه؛ فيا فوز من عامله بأحسن المعاملات، ويا خسارة من بارزه بالخطايا والسيئات، فإلى كم تتماطلون عباد الله بالعمل، وتطمعون في بلوغ الأمل! وتغترون بفسحة المهل! ولا تذكرون هجوم الأجل فرحم الله امرءًا أقدم الحذر، وأمعن النظر قبل أن يفارق الأوطان، ويعدم الإمكان، ويدرج في مدارج الكفان، ويدخل في خبر كان، جعلني الله وإياكم من الفائزين، وجنبني وإياكم موارد الظالمين. إن أحسن الكلام كلام الله الملك العلام، والله يقول وقوله الحق المبين: {فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>