صفاتهم؛ فضعف فيهم اليقين بالله، فأرضوا الناس بسخط الله، وجاملوهم في معاصي الله، وتعلقوا بهم واشتغلوا عن الله؛ رغبة في نوال حطام الدنيا، أو خوفًا من سخطهم؛ فوكلهم الله إلى من تعلقوا بهم ورجوهم، أو خافوا سخطهم؛ فلم يغنوا عنهم من الله شيئًا. أولئكم -يا عباد الله- ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا. فحذار من مثل صنيعهم حذار.
روت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«من أرضى الله بسخط الناس: كفاه الله مؤونة الناس؛ ومن أرضى الناس بسخط الله: لم يغنوا عنه من الله شيئًا» ؛ وفي رواية أخرى:«من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس» . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ن قال:«إن من ضعف اليقين: أن ترضى الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله. إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره» . وإنها -يا عباد الله- لإرشادات نبوية كريمة، من شأنها أن توجه النفوس للفعال الحقيقي. فالمنعم في الحقيقة هو الله، والمتفرد بالمنع هو رب الأرباب؛ لا مانع لما أعطى، ولا معطى لما منع؛ ومن الناس إلا أسباب ووسائل لإيصال الخير والنعمة، أو الشر والنقمة.
فاتقوا الله عباد الله، واملئوا قلوبكم باليقين الصادق والإيمان بالله، وعلقوا القلوب والآمال به وحده دون سواه؛ واذكروا على الدوام قول رسول الله: «من التمس رضا الله بسخط الناس: رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضا الناس بسخط الله: سخط الله عليه، وأسخط عليه