٢١) وفعل العبد حادث ممكن فيدخل في عموم خلق الله للحوادث واتفق أهل السنة أن الله أخص المؤمنين بنعمة دون الكافرين بأن هداهم للإيمان، ولو كانت نعمته على المؤمنين مثل نعمته على الكافرين لم يكن المؤمن مؤمنًا كما قال تعالى:{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}[الحجرات: ٧] . والله خالق الملائكة والأنبياء وخالق الشياطين والحيات والعقارب وغيرها من الفواسق، فهذا محمود معظم، وهذا فاسق يقتل في الحل والحرام، وهو سبحانه خالق في هذا طبيعة كريمة تقتضي الخير والإحسان، وفي هذا طبيعة خبيثة توجب الشر والعدوان.
٢٢) الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة تتعلق بالأمر وإرادة تتعلق بالخلق فالإرادة المتعلقة بالأمر أن يريد من العبد فعل ما أمره، وأما إرادة الخلق فأن يريد ما يفعله هو، فإرادة الأمر هي المتضمنة للمحبة والرضا وهي الإرادة الدينية، والإرادة المتعلقة بالخلق هي المشيئة وهي الإرادة الكونية القدرية، فالكفر والفسوق والعصيان ليس مرادًا للرب بالاعتبار الأول والطاعة موافقة لتلك الإرادة أو موافقة للأمر المستلزم لتلك الإرادة، فأما موافقة مجرد النوع الثاني فلا يكون به مطيعًا.
٢٣) وكما على العبد أن يؤمن بقدر الله وقضائه فعليه أن يوافق الله في حبه وبغضه، فقضاء الشرور من جهة خلقة الرب لها محبوبة مرضية لأن الله خلقها لما له في ذلك من الحكمة، والعبد فعلها وهي ضارة له موجبة له العذاب، فنحن ننكرها ونكرهها وننأى عنها، وإذا أرسل الله الكافرين على المسلمين، فعلينا أن نرضى بقضاء الله في إرسالهم، وعلينا أن نجتهد في دفعهم