وكونه من أهل الجنة، بل في إيمانه حتى تخرجه من الإيمان، وكل هذين الطرفين فاسد، ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه وأعطى الحق حقه، فيعظم الحق ويرحم الخلق، ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيحمد ويذم ويثاب ويعاقب ويحب من وجه ويبغض من وجه هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافًا لأهل البدع.
٣٥) فالدين الذي شرعه الله ورسوله توحيد وعدل وإحسان وإخلاص وصلاح للعباد في المعاش والمعاد، وما لم يشرعه الله ورسوله من العبادات المبتدعة فيه شرك وإساءة وفساد العباد في المعاش والمعاد، فإن الله أمر بعبادته والإحسان إلى عباده كما قال:{وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}[النساء: ٣٦] .
٣٦) فالصراط المستقيم هو ما بعث الله به رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بفعل ما أمر وترك ما حظر، وتصديقه فيما أخبر. لا طريق إلى الله إلا ذلك، وهذا سبيل أولياء الله المتقين.
٣٧) وبين الخالق والمخلوق من الفروق ما لا يخفى على ذي بصيرة منها أن الرب غني بنفسه عما سواه ويمتنع أن يكون مفتقرًا إلى غيره بوجه من الوجوه، والملوك وسادة العبيد محتاجون إلى غيرهم حاجة ضرورية، ومنها أن الرب وإن كان يحب الأعمال الصالحة ويرضى ويفرح بتوبة التائبين فهو الذي يخلق ذلك وييسره، فلم يحصل ما يحبه ويرضاه إلا بقدرته ومشيئته، والمخلوق قد يحصل له ما يحبه بفعل غيره. ومنها أن الرب أمر العباد بما يصلحهم ونهاهم عما يفسدهم، بخلاف المخلوق الذي يأمر غيره بما يحتاج إليه وينهاه عما ينهاه عنه بخلاً عليه، ومنها أنه سبحانه هو المنعم بإرسال الرسل وإنزال الكتب،