للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيديهم إلى المناكب من الندامة على تفريطهم وما يشعرون بذلك، فانتبه يا غافل لاغتنام عمرك وازرع في ربيع حياتك قبل جدوبة أرض شخصك، وادخر من وقت قدراتك لزمن عجزك، واعتبر رحلك قبل رحيلك، فكأنك بحرب التلف قد قامت على ساق وانهزمت جيوش الأمل، وإذا ملك الموت قد بارز الروح.

قال أحد العلماء في موعظة له أحذرك يا أخي ونفسي يومًا آل الله فيه على نفسه أن لا يترك عبدًا أمره في الدنيا ونهاه حتى يسأله عن عمله كله دقيقه وجليله سره وعلانيته فانظر بأي بدن تقف بين يديه وبأي لسان تجيبه، فأعد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا فتفكر الآن وانظر بأي قدم تقف في ذلك المقام، وبأي أذن تسمع ذلك الكلام، فكم من قلب ينخلع، وكم من كبد تتصدع وكم من لسان يتلجلج وكم من أحشاء تتموج، وكم من نفس تريد أن تخرج فلا تترك أن تخرج فانظر ما أشأم تلك الأرباح التي ربحتها وأخسر تلك المعاملات التي عاملت بها انظر كيف ذهبت مسرتها وبقيت حسراتها والشهوات التي في ظلم العباد أنفذتها كيف ذهب عنك الفرح بها وبقيت تبعتها وانظر الآن بكم تفتدي من ذلك الموقف وبكم تتخلص من ذلك السؤال هيهات أن يقبل منك شيء في ذلك الموقف حتى لو بذلت ملء الأرض ذهبًا.

أَلَيْسَ إلى الآجَالِ نَهْوَى وَخَلْفَنَا ... مِن المَوْتِ حَادٍ لا يَغِيْبُ عَجُوْلُ

دَعِ الفِكْرَ في حُبَّ البقاءِ وَطُوْلِهِ ... فَهَمُّكَ لا العُمْر القصيرُ يَطُوْلُ

وَمَنْ نَظَر الدُّنيا بِعَيْنِ حَقِيْقَةٍ ... تَيَقَنِ أَنَّّ العَيْشَ سَوْفَ يَزُوْلُ

وما هذه الأيام إلا فوارس ... تُطارِدُنا والنائِبَاتُ خُيُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>