بهذا تتبيَّن أهمية ودراسة الأخبار التاريخية من ناحية السند، وأهمية مراعاة منهج المحدِّثين في ذلك.
ومما لا شكّ فيه أن مما تتحقق به أيضًا معرفة صحيح الأخبار من سقيمها تطبيق الشق الآخر من منهج المحدِّثين في دراسة الأخبار التاريخية وهو نقد المتن أو النص وكذلك الاستفادة من منهج المؤرِّخين في ذلك.
يقول الدكتور مسفر الدميني وهو يعرض لذكر نقد المحدِّثين للنصوص وعدم اقتصارهم على نقد الأسانيد:
"اعتناء المحدِّثين بالإسناد ليس لذاته بل لمصلحة المتن فمتي كان رواة الحديث من الثقات الأثبات كان الاطمئنان إلى صحّة ما نقلوه أكثر، وهذا أمر طبيعي في البشر أن يقع الخبر الذي ينقله الصادق من أنفسهم موقعا حسنا، وما ينقله الكاذب المستهتر موقع الشكّ والريبة، وعلى هذا فاعتناء المحدِّثين بالإسناد هو من صميم اعتنائهم بالمتن"(١).
ويقول:"ليس ما صحَّ سنده صحّ متنه هذه قاعدة للمحدثين أكَّدوها جميعًا، وعملوا بها في نقد الحديث من جهة متنه حيث لم يلههم عن صحة الإسناد غرابة المتن أو شذوذة ونكارته، ولم أجد واحدًا منهم يخالفها أو ينكر العمل بها".