بمعنى آخر قلما استعملوا عقولهم في نقد المتون والأمر على عكس ذلك، إذ ما من عملية نقد النص إلَّا وقد استعمل فيها العقل لكن ما كان اعتمادهم على العقل فقط في قبول الحديث أو رده إلَّا في أقل النادر، ولا يمكن أن يكون المنهج العملي في نقد الأحاديث إلَّا هكذا إذ من المستحيل استعمال العقل من الناحية العقلية نفسها في تقويم كل حديث" (١).
وقال في موضع آخر: "ومن ناحية أخرى إن المحدِّثين لم يقفوا على الأسانيد فقط وأصدروا أحكامهم على الأحاديث بل دائمًا كانوا ينظرون إلى المتن، حتى حكموا على الأحاديث بالبطلان بالرغم من نظافة الأسانيد. ومن أمثلة ذلك:
قول الذهبي:"محمد بن الفضل البخاري الواعظ عن حاشد بن عبد الله روي بإسناد نظيف مرفوع: قيام الليل فرض على حامل القرآن. فكذا فليكن الكذب".
ثم قال الأعظمي في ضوء هذه النصوص:"يفهم بوضوح أن المحدِّثين راعوا العقل وأعطوه حقه في كافة منازل الرواية والراوي، وعلى هذا يمكن القول بكل وثوق أن منهجهم علمي بكل معنى الكلمة، ولا يبدو أن منهج النقد في العالم تمكن حتى الآن أن يضيف إليه شيئا قيمًا"