إليه في خَلْقِه، فصوَّرَه، وشقَّ سمعه وبصره، وخلقَ له الأعضاءَ: اليدين والرجلين واللسان والشفتين، فأصبح الإنسانُ مهيَّئًا للمَهَمَّات، وهذه النعمُ لم يكن للإنسان فيها تسبُّبٌ أصلًا.
فالله بدأه بنعمته، ونِعَمُ الله على الإنسان تترى؛ فخَلقَ الإنسانَ أطوارًا في بطن أمِّه، ثم أطوارًا بعد ولادته، فقال تعالى: ﴿ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ﴾ [غافر: ٦٧].
ونِعَمُ الله تعالى نوعان:
نِعَمٌ كونيةٌ ماديةٌ دنيويةٌ: وهي ما يتصلُ بخلقه، وتكوينه، وما يحتاج إليه.
ونِعَمٌ دينيةٌ: وهي النِّعمُ التي ساقها اللهُ على يد رُسلِه، وكل ذلك من الله ابتداءً (١).
ومن نِعمِه ﷾ ما جعل الله له سببًا من قِبل الإنسان؛ مثل ما يحصلُ للعبد بما وُفِّقَ له من أعمالٍ صالحةٍ، فالله يجزيه عليها، ودعاء يدعو به فيجيبُه ﷾، وهذه النِّعمُ التي للعبد فيها تسبُّبٌ مرَدُّها كلُّها إلى الله، فهو الذي وفَّقَ العبدَ للعمل الصالح، وقبِله منه، وهو الذي وفَّقه للدعاء، وأجابه؛ فالأمرُ عاد إليه سبحانه أولًا وآخرًا، فله الأمرُ كلُّه.
فعادت النِّعمُ كلُّها، أولُّها وآخرُها، وظاهرُها وباطنُها، وما له سببٌ من قِبَل الإنسان، وما ليس له سببٌ من قِبله، عاد ذلك كله إلى الله، لذلك قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾ [النحل: ٥٣]، فهذه الآيةُ فيها