وهاتان القضيتان من ضرورياتِ الدِّينِ، ومعناه أنَّهما ممَّا عُلِمَا من دينِ الإسلام بالضرورة، وهما: عمومُ الرسالةِ وخَتمُ النبوةِ، فمَن جحدَهما أو واحدةً منهما فهو كافرٌ، وإن كان مسلمًا فإنَّه يرتدُّ بذلك.
وبهذه المناسبة نذكرُ التعريفَ المشهورَ للنبيِّ والرَّسولِ، وهو: أنَّ النبيَّ مَنْ أُوحيَ إليه بشرعٍ ولم يُؤمرْ بتبليغه، والرسولَ مَنْ أُوحيَ إليه بشرعٍ وأُمرَ بتبليغه (١)، وهذا التعريفُ غيرُ مُستقيمٍ في الحقيقة وإن كان هو المشهورُ؛ لأنَّ معنى هذا أنَّ النبيَّ عمله قاصرٌ على نفسه، فمعناه أنَّه لا يُعلِّم، فهو أُوحيَ إليه بشرعٍ ولم يُؤمرْ بالتبليغِ، فلا دعوةَ ولا أمرَ ولا حُكمَ، وهذا غيرُ صحيحٍ، بل الأنبياءُ يدعونَ إلى الله ويحكمونَ بين الناسِ، قال تعالى: ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا﴾ [المائدة: ٤٤]، وكما في قصةِ داودَ ﵇ وغيرها؛ ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ
(١) ينظر: أعلام الحديث للخطابي (١/ ٢٩٨)، والمنهاج في شعب الإيمان (١/ ٢٣٩)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (١/ ١٥٥)، وفتح الباري (١١/ ١١٢)، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني (١/ ٤٩).