(واعلمْ أنَّ خيرَ القلوبِ أَوعاها للخير، وأَرجى القلوبِ للخير ما لم يَسبقِ الشَّرُّ إليه، وأَولى ما عُنِيَ به الناصحون ورغِبَ في أَجره الراغبون: إِيصالُ الخيرِ إلى قلوب أولادِ المؤمنين؛ ليرسخَ فيها، وتنبيهُهم على معالمِ الديانةِ، وحدودِ الشريعةِ؛ ليُراضوا عليها، وما عليهم أن تعتقدَه من الدِّين قلوبُهم، وتعملَ به جوارحُهم؛ فإنَّه رُويَ أنَّ تعليمَ الصِّغارِ لكتاب اللهِ يُطفئُ غضبَ اللهِ، وأنَّ تعليمَ الشيء في الصِّغَر كالنَّقش في الحَجر.
وقد مثَّلتُ لك مِنْ ذلك ما يَنتفعون - إن شاء اللهُ - بحفظه، ويَشرُفونَ بعلمه، ويسعدون باعتقاده والعملِ به.
وقد جاء أن يؤمَروا بالصلاة لِسَبع سنين، ويُضرَبوا عليها لعشرٍ، ويُفرَّقَ بينهم في المضاجع، فكذلك ينبغي أن يَعلموا ما فرضَ اللهُ على العباد من قولٍ وعملٍ قبل بُلوغهم؛ ليأتيَ عليهم البلوغُ وقد تمكَّن ذلك من قلوبهم، وسكنت إليه أنفسُهم، وأَنِسَتْ بما يعملون به من ذلك جوارحُهم.
وقد فرض اللهُ ﷾ على القلب عملًا من الاعتقادات، وعلى الجوارح الظاهرةِ عملًا من الطاعات، وسأُفصِّلُ لك ما شرطتُ لك ذكرَه بابًا بابًا؛ ليَقربَ من فهم مُتعلِّميه - إن شاء الله تعالى -.