للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد احتجَّ كلٌّ من الفريقَين بحُججٍ، وقد استوفاها ابنُ القيمِ في كتابَيْه: «حادي الأرواح إلى بلادِ الأفراح» (١)، الذي خصَّه في شأن الجنةِ، وكذا في كتابِه: «مفتاحُ دارِ السعادة» عرضَ لهذه المسألةِ (٢)، والراجَّحُ عنده أنها جنةُ الخلد، وهو واضحٌ من كلامه في الكتابين، وهذا - والله أعلمُ - يمكنُ أن نقولَ: إنَّه ظاهرُ القرآنِ؛ فموسى يقولُ لآدم: «أخرجتك خطيئتك من الجنة» (٣)، وهو الصواب.

قال شيخُ الإسلام : «والجنةُ التي أسكنها آدم وزوجته عند سلف الأمة وأهل السنَّةِ والجماعة: هي جنةُ الخلدِ، ومَن قال: إنَّها جنةٌ في الأرض بأرضِ الهندِ أو بأرضِ جدةِ أو غير ذلك؛ فهو من المتفلسفة والملحدين، أو من إخوانهم المتكلمين المبتدعين، فإنَّ هذا يقوله من يقوله من المتفلسفة والمعتزلة، والكتابُ والسنَّةُ يردَّان هذا القولَ، وسلفُ الأمةِ وأئمتها متفقون على بطلان هذا القول» (٤).


(١) ينظر: حادي الأرواح (١/ ٤٧ - ٩٠).
(٢) مفتاح دار السعادة (١/ ٢٧ - ٨٧) «هذا ظاهر كلامه من طريقة عرضه للمسألة» قاله شيخنا. وكذا في قصيدته «الميمية» ما يدلُّ على ترجيحه القولَ الأول، حيث قال:
فَحَيَّ عَلىَ جَنَاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا … مَنَازِلُكَ الأولىَ وَفِيهَا المُخَيَّمُ
وَلكِنَّنَا سَبْيُ العَدُوِّ فَهَلْ تُرَى … نَعُودُ إلىَ أَوْطَانِنَا وَنُسَلِّمُ؟
ينظر: مفتاح دار السعادة (١/ ٤٢٥)، وحادي الأرواح (١/ ١٤)، وطريق الهجرتين (١/ ١٠٨)، وإغاثة اللهفان (١/ ١١٧)، ومدارج السالكين (١/ ١٨٨).
(٣) أخرجه البخاري (٣٤٠٩) مسلم (٢٦٥٢ - ١٥) من حديث أبي هريرة .
(٤) مجموع الفتاوى (٤/ ٣٤٧) وقارن بما في النبوات (٢/ ٧٠٥ - ٧٠٧).

<<  <   >  >>