للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عموم وحصر؛ أي: كلُّ نعمةٍ تحصل للعبد هي من الله وحده، فهو خالقُ الإنسان وخالقُ النِّعَم، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: ٢٠]، وقال: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤].

فلا يزالُ العبدُ يتقلَّبُ في نِعَم الله، وهذه النعمُ الماديةُ أو الكونيةُ مشتركةٌ بين العباد بَرِّهم وفاجرهم، وبين المؤمن والكافر، أمَّا النِّعمُ الدينيةُ فمختصَّةٌ بِمَنْ يختارهم الله ويصطفيهم.

قوله: (وصوَّرَه في الأرحام بحكمتِه):

وصوَّرَه: هذا وما بعده عطفٌ، وهو من عطفِ الخاصِّ على العام، فصوَّرَ اللهُ الإنسانَ في الأرحام بحكمته، وكثيرًا ما يُذكِّر اللهُ عبادَه بذلك، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء﴾ [آل عمران: ٦]. وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَك (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاء رَكَّبَك (٨)[الانفطار]. وقال تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِير (٣)[التغابن].

فاللهُ صوَّر الإنسانَ في الأرحام، ومَن الذي يزعمُ أنَّ له تسبُّبًا في تصوير نفسه واختيار صورته؟! لأنَّه يبدأُ في بطن أُمّه، فيتنقل في أطواره؛ نطفةً فعلقةً فمضغةً، ثم يُصوِّره اللهُ كيف شاء كما أخبر اللهُ بذلك مفصَّلًا في كتابه، ومن ذلك قولُه تعالى: ﴿﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء﴾ [آل عمران: ٦]، فهو تعالى يجعل لكل واحدٍ صورةً لا تماثل صورة الآخر، ولهذا لا نجد اثنين من الناس على صورةٍ واحدةٍ من جميع الوجوه؛

<<  <   >  >>