للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذين يَنفُون حقيقةَ الاستواءِ منهم مَنْ يتأوَّلُه بالاستيلاء، وهم أهلُ التأويل (١)، ومنهم مَنْ يُفوِّضُ، فيقول: اللهُ أعلمُ بمراده، وهم أهلُ التفويض، وسمَّاهم شيخُ الإسلام أهل التجهيل (٢)؛ لأنَّ مذهبَهم يتضمَّنُ تجهيلَ الرسولِ والصحابة بمعاني نصوصِ الصفات، وهذه التسميةُ أدلُّ على حقيقة مذهبهم من تسميتهم أهل التفويض؛ لأنَّ التفويضَ منه ما هو واجبٌ؛ وهو التفويضُ في كيفيَّة الصفات، ويُقابلُهم أهلُ التأويل الذين يُفسِّرون الآياتَ بتفسيرٍ يُخرجونها به عن ظاهرِها، وكلٌّ من المذهبين - أعني التفويضَ والتأويل - باطلٌ، ومبنيٌّ على باطلٍ؛ لأنَّ كلًّا منهما مبنيٌّ على نفيِ الصفات، فأهلُ التأويلِ وقعوا في التحريفِ، وأهلُ التفويضِ وقعوا في التجهيلِ.

قوله: (وله الأسماءُ الحُسنَى):

اللهُ له الأسماءُ الحسنى، وهذا من الإثباتِ المُجمل؛ لأنَّها كلمةٌ عامة، كما قال الله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء


(١) وقد أفرد شيخُ الإسلام لذلك مؤلفًا يعرف ب: «رسالة في الاستواء وإِبطال قول من تأوَّله بالاستيلاء من نحو عشرين وجهًا»، وقد ذكرها ابن رشيِّق في أسماء مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية - ضمن الجامع لسيرة شيخ الإسلام وتكملته - (ص ٣٦٨)، وذكرها ابن عبد الهادي في «العقود الدرية» (ص ٨٩) ولعلها - والله أعلم - رسالة «علو الله على سائر مخلوقاته»، وهي مطبوعة ضمن مجموع الفتاوى (٥/ ١٣٦ - ١٥٢)، ولكن ذكر فيها اثني عشر وجهًا (ص ١٤٤ - ١٤٩)، وقد أوصل ابن القيم هذه الوجوه إلى اثنين وأربعين وجهًا كما في «مختصر الصواعق» (٣/ ٨٨٨ - ٩٤٦).
(٢) ينظر: درء التعارض (١/ ١٥)، والجواب الصحيح (٦/ ٥٢٠)، والانتصار لأهل الأثر (ص ٩٧ - ٩٨)، والفتوى الحموية (ص ٢٧٣).

<<  <   >  >>