للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقاديرَ كلِّ شيءٍ، فكلُّ ما في هذا الوجودِ فإنَّه بقدرِ الله، والخيرُ والشرُّ بقدرِ الله.

والقدَرُ يُطلَقُ على فعلِ الربِّ وهو تقديرُه لمقاديرِ الأشياء، ويُطلَقُ على الشيءِ المُقدَّرِ؛ فتقولُ للحادثِ المعيَّن: «هذا قدرٌ»؛ يعني هذا مُقدَّرٌ؛ من إطلاق المصدرِ على اسم المفعول، وهذه لغةُ المسلمين إذا شهدوا أمرًا قالوا: هذا قدَرٌ، يعني هذا مقدَّرٌ، وله تعالى الحكمةُ في أقداره.

والإيمانُ بالقدرِ لا بدَّ فيه من أربعةِ أصولٍ، لا يكونُ الإنسان مؤمنًا بالقدر إلَّا بها:

الأصلُ الأول: الإيمانُ بعلمِ الله القديم السابقِ لكلِّ شيء، بما في ذلك أفعالُ العبادِ من طاعاتِهم ومعاصيهم، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم (٧٥)[الأنفال].

الأصلُ الثاني: الإيمانُ بكتابةِ المقادير؛ وذلك بأنَّ اللهَ قدَّر مقاديرَ الأشياءِ، وكتبَ ذلك في أمِّ الكتابِ، اللوحِ المحفوظِ، وقد جمعَ الله بين هذين الأصلين في غير آيةٍ: العلمَ والكتابَ، فقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير (٧٠)[الحج]، وقال تعالى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين (٥٩)[الأنعام]، وقال تعالى: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير (١١)[فاطر]، وقال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي

<<  <   >  >>