للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشاء، قال تعالى: ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم (٧٤)[آل عمران]، ﴿ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا (٧٠)[النساء].

فبعد الدعوةِ يصيرُ الناسُ فريقين: أحدهما: موفَّقٌ مهدِيٌّ، والآخر: مخذولٌ ضالٌّ، والمقصود بقوله: (وأَضلَّ مَنْ خَذلَه بِعدلِه)؛ أي: جعلَه ضالًّا بخذلانه، والخذلانُ ضدُّ التوفيق، فيوجدُ تقابلٌ في الجُمل بين: الهدى والضلالِ، والتوفيقِ والخذلانِ، والفضلِ والعدلِ (١).

فأفعالُه سبحانه دائرةٌ بين الفضلِ والعدلِ، إذن هو المحمودُ على عطائِه ومنعه، فله الحمدُ على كل حال، وهو أعلمُ حيث يجعلُ فضلَه، وأعلمُ حيث يجعلُ رسالاتِه .

ومن أدلة ما ذكره المؤلف من التوفيق والخذلان والهدى والإضلال قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم (٤)[إبراهيم]. فواجبُ الرُّسلِ هو البيانُ؛ لأنَّه هو الذي يقدرون عليه، وله الحكمةُ البالغةُ في عطائه ومنعه، وتوفيقه لمن شاء، وخذلانه لمن شاء.

قوله: (ويسَّرَ المؤمنين لليسرى، وشرحَ صدورَهم للذكرى، فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين، وبقلوبهم مُخلصين، وبما أَتتهم به رسلُه وكتبُه عاملين):

في هذه الجملةِ وما بعدها تفصيلٌ لقوله: (فهدَى مَنْ وفقَه بفضلِهِ)، ووصفٌ لحال هذا الصِّنفِ المهديين الموَفَّقِين بفضله ،


(١) ينظر مشهد التوفيق والخذلان في: مدارج السالكين (٢/ ٢٥ - ٣١).

<<  <   >  >>