للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى «قديم»: ما لا بدايةَ له (١)، وتكليمُه لموسى إنما حصلَ في وقته، وتكليمُه للأبوين في وقتِه، وتكليمُه لأهل الموقفِ يكون يومَ القيامة، فليس قديمًا، لكن نوعُ الكلام قديمٌ؛ بمعنى: أنَّ اللهَ لم يزل يتكلَّم بما شاء.

وأهلُ الكلام عندَهم اضطرابٌ في الصفاتِ الفعلية: منهم مَنْ ينفي الصفات الفعلية كما ينفي غيرها؛ وهم الجهميةُ والمعتزلةُ، ومنهم مَنْ يُثبتُها لكن يقولُ: إنها لازمةٌ لذاته لا تتعلقُ بها المشيئةُ؛ وهم الكُلَّابيَّة (٢)؛ مثل الغضبِ، والرضا، والحبِّ، والبغضِ (٣).


(١) هذا تفسير للقديم على اصطلاح المتكلمين، والقديم في اللغة: ما كان متقدمًا على غيره ولو كان مخلوقًا، كما قال تعالى: ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)﴾ [يس]. ينظر: المبين في شرح معاني الحكماء والمتكلمين (ص ١١٨ - ١١٩ رقم ٢٠٤)، والصفدية (ص ٣٦٨)، وبيان تلبيس الجهمية (٥/ ١٧١)، والجواب الصحيح (٣/ ٢٦٨ - ٢٦٩)، (٤/ ٤٨٣)، وقاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص ١٢٩).
(٢) الكُلاَّبية: أتباع عبد الله بن سعيد بن كُلاَّب القطان البصري، رأس المتكلمين بالبصرة في زمانه، وسلك طريقته أبو الحسن الأشعري بعد رجوعه عن الاعتزال، يثبت ابن كُلَّاب وأتباعه الأسماء والصفات الخبرية إلا أنه ينفي الصفات الاختيارية بناءً على نفي حلول الحوادث بذات الله تعالى، وأوجب له ذلك: القول بأزلية صفات الأفعال، وهو أوَّل من ابتدع القول بالكلام النفسي، وقال في كلام الله والقرآن قولَه المشهور، وهو أنه ليس بحروف ولا صوت، وأنَّه معنى واحد، وأنَّ القرآن الذي يُتلى هو حكاية عن كلام الله مع قوله: إن القرآن غير مخلوق. ينظر: مقالات الإسلاميين (١/ ١٣٨)، (٢/ ٤٢١ - ٤٢٢)، (٢/ ٣٨٠)، ودرء التعارض (٢/ ١٦)، والتسعينية (٢/ ٦٨٣)، وشرح حديث النزول (ص ٤٠٦).
(٣) ينظر: رسالة الأفعال الاختيارية - ضمن: جامع الرسائل والمسائل (٢/ ٣ - ٧٠)، ومجموع الفتاوى (٦/ ٢١٧ - ٢٦٧) - ودرء التعارض (٢/ ٣ - ١٥٦)، وشرح الأصبهانية (ص ٤٩٩ - ٥٠١).

<<  <   >  >>