للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شرح خطبة المؤلف]

(الحمدُ للهِ الذي ابتدأَ الإنسانَ بنعمته، وصوَّرَه في الأرحام بحكمتِه، وأَبرزَه إلى رِفقِه، وما يَسَّرَه له مِنْ رِزقه، وعلَّمه ما لم يكن يَعلم، وكان فضلُ اللهِ عليه عظيمًا، ونبَّهه بآثار صَنعتِه، وأَعذرَ إليه على أَلسنة المرسلين الخِيَرةِ مِنْ خَلقِه، فهدى مَنْ وفَّقه بفضله، وأَضلَّ مَنْ خَذلَه بِعدلِه، ويسَّر المؤمنين لليسرى، وشرح صدورَهم للذكرى، فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين، وبقلوبهم مُخلصين، وبما أَتتهم به رسلُه وكتبُه عاملين، وتعلَّموا ما علَّمهم، ووقفوا عند ما حدَّ لهم، واستغنوا بما أحلَّ لهم عمَّا حَرَّمَ عليهم).

يقول :

(الحمدُ للهِ الذي ابتدأَ الإنسانَ بنعمته):

الله تعالى هو الذي بدأ الإنسان بنعمته، ولم يكن منه أيُّ تسبُّبٍ، فمرَدُّ الأمر كلّه إليه، فهناك أمور لم يكن للإنسان فيها تسبُّبٌ أصلًا؛ فقد ابتدأَ الله الإنسانَ بنعمته فأوجده، وصوَّره، وشقَّ سمعَه وبصرَه، وأخرجه من بطن أمّه، فقال تعالى: ﴿وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [النحل: ٧٨]، لكنه ما خرج إلا وقد جعل اللهُ فيه ما يحتاج

<<  <   >  >>