للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن الذي عليه جمهورُ السَّلف: أنَّ المرادَ بالكرسيِّ موضعُ القدمين، وهو مخلوقٌ عظيم غيرُ العرشِ (١).

والآيةُ تدلُّ على سعةِ الكرسيِّ وعِظمِه، وجاء في بعض الأحاديثِ كما عند ابن جرير: «ما السماواتُ السبعُ في الكرسي إلا كدراهمَ سبعة أُلقيت في تُرْس» (٢).

﴿وَلَا يَئُودُهُ﴾: يعني لا يشقُّ عليه، ولا يُعجزه حفظُ هذا العالَمِ العلويِّ والسفليِّ (٣). كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر: ٤١]؛ أي: لا يمسكُهما أحدٌ غيره. وقال: ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ [الحج: ٦٥]، فهو الحافظُ للعبادِ، والحافظُ لهذا الوجود، ولولا حفظُ الله لهذا العالم لدَكَّ بعضُه بعضًا، فهذا العالمُ: السماواتُ والأرضُ كلُّها مستقرَّة على وفقِ ما قدَّرَه ، وهذه الأجرامُ العلويةُ من الكواكبِ؛ ماضيةٌ في مجاريها بقدرتِه .


(١) ينظر: أصول السنة لابن أبي زَمَنين (ص ٥٤)، وبيان تلبيس الجهمية (٨/ ٣٦٣ - ٣٦٥)، ومجموع الفتاوى (٦/ ٥٨٤ - ٥٨٥)، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٣٦٨ - ٣٧١)، وشرح الطحاوية لشيخنا (ص ١٩٠).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤/ ٥٣٩)، وأبو الشيخ في «العظمة» (٢/ ٥٨٧) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه أن رسول الله فذكره بهذا اللفظ. قال الذهبي في «العلو» (ص ١١٧ رقم ٣١٣): «هذا مرسل، وعبد الرحمن ضعيف». وضعفه الألباني في «الضعيفة» (رقم ٦١١٨).
(٣) ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة (ص ٩٣)، والمفردات للراغب الأصبهاني (ص ٩٧).

<<  <   >  >>