للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالدرجتان الأولَتَانِ مشروعتان، والثالثةُ موضعُ اجتهادٍ، والرابعةُ محرمةٌ» (١).

وقول المؤلف: (وعلمائهم): يُشيرُ إلى ما قيل في تفسير قوله : ﴿وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]؛ أنَّ المرادَ بهم العلماء، والصوابُ أنَّ الآيةَ تعمُّ الصنفين؛ الأمراءَ ذوي السلطان، والعلماءَ بالكتاب والسنَّة (٢)، فالعلماءُ يُطاعون فيما يُبلغونه عن اللهِ ورسوله، ويجبُ الرجوع إليهم؛ كما قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُون (٤٣)[النحل].

ولا يجبُ على أحدٍ طاعتُهم في المسائل الاجتهادية إلَّا على المُقلِّد؛ فإنَّ الواجب عليه أن يستفتي مَنْ يثقُ بعلمه ودينِه ويعملَ بفتواه، أمَّا مَنْ يقدر على معرفةِ الحقِّ بدليله؛ فعليه أن يقبلَ ويرجعَ إلى أهلِ العلمِ في معرفة الأدلة من الكتاب والسنَّة.

أمَّا ولاةُ الأمرِ ذوي السلطان فتجبُ طاعتُهم في غيرِ معصيةِ الله، وما يقعُ منهم من معصيةٍ أو ظلمٍ وجورٍ وأثَرةٍ، كلُّ ذلك لا يمنعُ من أداءِ الواجب لهم، وفي الحديثِ؛ عن ابن مسعود عن النبي قال: «ستكون أثرة وأمور تنكرونها» قالوا يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: «تؤدُّون الحقَّ الذي عليكم وتسألون اللهَ الذي لكم» (٣)؛ أي: أدُّوا الحقَّ الذي لهم من السمعِ والطاعة، وسلُوا اللهَ الذي لكم إذا قصَّرُوا وفَرَّطُوا في شيءٍ من حقوقِ الأمَّة، فالمظلومُ ينصره الله تعالى عاجلًا أو آجلًا، في الدنيا أو في الآخرة.


(١) إعلام الموقعين (٤/ ٣٣٩).
(٢) ينظر: تفسير الطبري (٧/ ١٧٢ - ١٨٣)، وتفسير ابن كثير (٢/ ٣٤٥).
(٣) أخرجه البخاري (٣٦٠٣) - واللفظ له -، ومسلم (١٨٤٣).

<<  <   >  >>