للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما حدَّ اللهُ له من المشروع إلى غير المشروع، ولا يتجاوزُ ما أباحَ اللهُ إلى ما حرَّمه، فهناك حدودٌ نهى اللهُ عن قربانها؛ وهي المحرمات؛ قال تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾ [البقرة: ١٨٧]، وحدودٌ نهى اللهُ عن تعَدِّيها؛ وهي المباحات والمأمورات، قال تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾ [البقرة: ٢٢٩] (١).

ولم يتعدّوا حدودَ الله علمًا ولا عملًا، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا (٣٦)[الإسراء]، فهذا وقوفٌ عند حدود اللهِ في العلم؛ فإذا سُئل الإنسانُ عمَّا لا يعلم؛ فليقل: اللهُ أعلم، فيقفُ الإنسانُ عند حدِّ ما علَّمه الله، فلا يَدَّعِي ما لا علمَ له به، ولا يقولُ على الله ما لا يعلم، وهذا ما أدَّب اللهُ به نبيَّه إذ قال: ﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ﴾ [الكهف: ٢٢]، ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا﴾ [الكهف: ٢٦].

قوله: (واستغنوا بما أحلَّ لهم عمَّا حَرَّمَ عليهم):

(واستغنوا): اكتفوا. وهذا أيضًا من الوقوف عند حدودِ الله؛ الاكتفاءُ بالمباح عن الحرام، فلا يتجاوزُ ما أباحَ اللهُ له إلى ما حرَّمَ؛ سواء كان في كلامه، أو في طعامه وشرابه، فهذا عامٌّ في الأفعال، والعبادات، فهم استغنوا بما أحلَّ لهم عمَّا حرَّم عليهم، وفيما أحلَّ اللهُ للعباد ممَّا يحتاجون إليه كفايةٌ وغُنيَةٌ عمَّا حرَّمَ عليهم؛ كما في الحديث: «إِنَّ الله لَمْ


(١) ينظر: السياسة الشرعية (ص ١٥٥)، وإعلام الموقعين (٣/ ٢٤٢).

<<  <   >  >>