للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وأنَّ اللهَ سبحانه ضاعفَ لعباده المؤمنين الحسنات، وصفحَ لهم بالتوبة عن كبائر السيِّئاتِ … ) إلى آخره:

في هذه الجملةِ يذكرُ المؤلفُ فضلَه على عبادِه المؤمنين، وأنَّه يُضاعفُ لهم الحسنات، قال تعالى: ﴿مَنْ جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠]، وقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ﴾ [البقرة: ٢٦١]، فأقلُّ تضعيفِ الحسنةِ بعشرِ أمثالها، إلى سبع مئةِ ضعفٍ، إلى أضعافٍ كثيرة (١).

وجاء في الحديث: «مَنْ تصدَّقَ بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ، ولا يقبل اللهُ إلَّا الطيَّبَ، وإنَّ اللهَ يتقبَّلها بيمينه، ثم يُربيها لصاحبه، كما يُربِّي أحدُكم فلوَّه، حتى تكون مثلَ الجبل» (٢). هذا التضعيفُ فوقَ الخيالِ، عدْل تمرةٍ ثم تكون كالجبلِ.

فمِنْ فضلِه تعالى أنَّه يُضاعفُ لعباده المؤمنين الحسنات، يعني: يقبلُها ويُضاعفُ أجرَها، أمَّا السيئاتُ فإنها بمثلها؛ قال تعالى: ﴿مَنْ جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُون (١٦٠)[الأنعام].

ثم من فضلِه تعالى أنَّه يغفرُ لكلِّ من تابَ إليه، فيغفرُ للمؤمنين كبائرَ الذنوبِ بالتوبةِ، ولكنْ مغفرةُ الذنوب لها مُكفِّراتٌ عِدَّةٌ، بلغت أحدَ عشر سببًا (٣) أعظمُها وأعمُّها وأكملُها التوبةُ، فإنها لا تضيقُ بأيِّ ذنبٍ،، فاللهُ


(١) أخرجه البخاري (٦٤٩١)، ومسلم (١٣١) عن ابن عباس .
(٢) أخرجه البخاري (١٤١٠) - واللفظ له -، ومسلم (١٠١٤) عن أبي هريرة .
(٣) ينظر: منهاج السنة (٤/ ٣٢٥ - ٣٢٦)، (٦/ ٢٠٥ - ٢٣٨)، والإيمان الأوسط (ص ٣٣٦ - ٣٥٩)، ومدارج السالكين (١/ ٢١٧ - ٢١٩)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٤٥١ - ٤٥٦).

<<  <   >  >>