للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (ونبَّهه بآثار صَنعتِه، وأَعذرَ إليه على أَلسنة المرسلين الخِيَرةِ مِنْ خَلقِه):

هذه الأفعال معطوفةٌ على ما قبلها، (بآثار صَنعتِه)؛ يعني: أرشده، ودَلَّه بآثار صنعته، وهو هذا الوجود مِنْ: الإنسان والأرض والسماء والهواء، فهذا كلُّه صُنع الله الذي أتقن كلَّ شيء، فالسماواتُ والأرضُ والكواكبُ والهواءُ والسحابُ والإنسانُ والحيوانُ، كلُّ ذلك هو من آثار صنعتِه.

فهو خالقُ السماواتِ والأرضِ، ومَن فيهنّ، وما بينهما، وهو خالقُ الإنسان، فاللهُ تعالى نَبَّه الإنسانَ بآثارِ صنعتِه، ونبّهه إلى ما في هذه الصَّنعةِ من الدلالة على أنَّ لها صانعًا، وأنَّ هذا الصانعَ عليمٌ، وأنه حكيمٌ، ورحيمٌ، وقديرٌ، ففي الدلالات تنبيهٌ؛ كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد (٥٣)[فصلت]، وقال: ﴿وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِين (٢٠) وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُون (٢١)[الذاريات]، وقال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون (٣)[الرعد].

فاللهُ نَبَّه الإنسانَ بآثار صَنعته، والذي ينتفع بذلك هو الذي ينتبِه، ويتفكَّرُ، ويعقلُ، أمّا المُعرِضُ فإنّه لا ينتبِه، قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُون (١٠٥)[يوسف]، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُون (٣٢)[الأنبياء].

<<  <   >  >>