للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ليُراضوا): من الرياضة والترويض؛ يعني ليُرَوَّضُوا ويَرْتَاضُوا على هذه الأخلاقِ والآدابِ، وأداءِ هذه الواجبات، وأشارَ - بهذه المناسبة - إلى حديثين، أحدُهما ضعيفٌ، والآخرُ موضوعٌ كما نصَّ على ذلك أهلُ العلم.

وقول المؤلف: (فإنَّه رُويَ أنَّ تعليمَ الصِّغارِ لكتاب اللهِ يُطفئُ غضبَ اللهِ، وأنَّ تعليمَ الشيء في الصِّغَر كالنَّقش في الحَجر): معناهما - وخصوصًا الثاني - صحيحٌ؛ فالتعليمُ والتعلُّمُ في الصِّغر أثبتُ من التعلُّم في الكبر، وهذا أمرٌ محسوسٌ ومعروفٌ من الواقع؛ لأنَّ الشابَّ مَداركُه ومَلكاتُه وذِهنُه في حال قوَّتِه، والعوائقُ والشواغلُ بعيدةٌ منه، بخلاف الكِبَر، فالكبيرُ أوَّلًا: قواهُ الذهنيّة كقواه الجسدية قد وَهنتْ وضَعُفتْ. وثانيًا: أنَّه قد امتلأَ ذِهنُه بالشواغل، والذِّهنُ - يقولون - مثلُ الإناءِ؛ إذا امتلأَ الإناءُ لا تستطيعُ أنْ تضيفَ إلى ما فيه شيئًا.

أمَّا قوله: (أنَّ تعليمَ الصِّغارِ لكتاب اللهِ يُطفئُ غضبَ اللهِ): فهذا أيضًا لم يصحَّ حديثًا، لكن قد يُستشهدُ لمعناه بأنَّ هذا من نوع الصدقة، وفي الحديث: «وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ؛ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ» (١). والصَّدقةُ بالعلم على الصغار وغيرهم أعظمُ من الصَّدقة بالمال.


= فهو بمنزلة كتاب على ظهر الماء». ولا يصح عن رسول الله ، وهناد لا يُوثَّق، وبقية مدلس، ويروي عن الضعفاء، وأصحابه يُسَوُّون حديثه ويحذفون الضعفاء منه. ينظر: الموضوعات (١/ ٣٥٣ - ٣٥٤ رقم ٤٣٥)، والضعيفة رقم (٦١٩).
(١) أخرجه أحمد (٢٢١٣٣)، والطبراني في «الكبير» (٢٠، رقم ٢٠٠) من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن شهر بن حوشب، عن معاذ، به. وعاصم بن أبي النجود فيه لين، وشهر بن حوشب مختلف في توثيقه وتضعيفه، ولم يدرك معاذًا. =

<<  <   >  >>