للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تُدركُ حقيقتُه إلا بمشاهدتِه، أو مُشاهدةِ نظيره (١). فاللهُ تعالى أخبرَ بأنَّ العبادَ لا يُحيطون بشيءٍ من علمه.

﴿بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾: يعني: من معلوماتِه إلا بما علَّمَهم، وهذا يُفسِّرُه قوله تعالى عن الملائكة: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا﴾ [البقرة: ٣٢]، وقال الخضرُ لموسى: «ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر» (٢). فعلمُ الخلائقِ - الملائكة والإنس والجن - كلّهم لا نسبةَ له إلى علمِه .

وقِيل: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾: أي: العلم به لا يُحيطون بشيءٍ من ذلك إلا بما شاءَ، فالعبادُ لا يعلمون من شأنِ ربهم إلا ما علَّمهم،


(١) ينظر: درء التعارض (٩/ ١٠)، (٥/ ٧٣)، وشرح حديث النزول (ص ١٠٤)، وشرح التدمرية (ص ٢١٤).
(٢) أخرجه بنحوه البخاري (١٢٢)، (٤٧٢٦)، ومسلم (٢٣٨٠) من حديث ابن عباس، وأخرجه بهذا اللفظ: عبد الله بن الإمام أحمد في «زوائد المسند» (٢١١١٩) من طريق عبد الله بن إبراهيم المروزي، حدثني هشام بن يوسف، في تفسير ابن جريج، الذي أملاه عليهم: أخبرني يعلى بن مسلم، وعمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، يزيد أحدهما على الآخر، وغيرهما، قال: قد سمعت يحدثه، عن سعيد بن جبير، قال: إنَّا لعند عبد الله بن عباس في بيته فذكره بطوله. وقال: «ووجدته في كتاب أبي: عن يحيى بن معين، عن هشام بن يوسف مثله».
قلنا: عبد الله بن إبراهيم المروزي لم نجد له ترجمة إلا أنه قال عنه الخليفة النيسابوري: «عبد الله بن إبراهيم المروزي، حدث بنيسابور». ينظر: تلخيص تاريخ نيسابور (ص ٢٥). ولكن تابعه يحيى بن معين كما أشار عبد الله بن أحمد في وجاداته، وتابعه أيضًا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف به كما في البخاري (٤٧٢٦)، ولفظه: «والله ما علمي وما علمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر».

<<  <   >  >>