للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ولا يتفكَّرُون في ماهيَّةِ ذاتِه): يعني في حقيقةِ ذاته، فالمعنى مُتقاربٌ: في ماهيتِه، أو في حقيقتِه، أو في كيفيتِه، أو في كُنْهِه.

لكن نؤمنُ بأنَّ له تعالى ذاتًا لا تشبهُ الذواتَ، وأنَّه قائمٌ بنفسه، غنيٌّ بذاتِه عن كلِّ ما سواه، فلا يفتقرُ إلى شيءٍ بوجهٍ من الوجوه.

تنبيه: في بعض نسخ الرسالة: ولا يتفكَّرون في مائيته بالهمز (١)، ويقول بعضُ أهلِ اللغة: إنَّ مائية وماهية معناهما واحد، وذلك يجري على لغة مَنْ يُبدل الهمزة هاء، وأنَّ أصلَ همزة ماء: هاء؛ بدليل أنك تقول في التصغير: مويه، وفي الجمع: مِياه، ولكن المشهور عند المناطقة: ماهية بالهاء، ويقولون: ماهيةُ الشيءِ: ما يُجابُ به مَنْ قال في شيءٍ: ما هو؟ (٢)

قوله: (ولا يُحيطون بشيءٍ من علمه إلَّا بما شاء، وَسِعَ كُرسيُّه السماواتِ والأرض، ولا يؤودُه حِفظُهما وهو العليُّ العظيمُ):

هذا بعضُ «آيةِ الكرسي»، فقوله تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ﴾: أي: لا يحيطُ العباد، والإحاطةُ غير مُطلق العلم، فنحن نرى الشمسَ ولا نُحيطُ بها رؤيةً، ونعلمُ أشياء كثيرةً ممَّا أخبرنا الله به من علومِ الغيب أو من الأخبارِ الواقعةِ في هذه الدنيا، لكننا لا نحيطُ بها، فالشيءُ لا يُحاط به،


(١) وهو المثبت في أغلب النسخ كما في شرح التنوخي (١/ ٢٢)، وشرح زروق (١/ ٣٦)، وغُرر المقالة للمغراوي (ص ٧٥)، والفواكه الدواني (١/ ٦٨، ٦٩)، وطبعة الشيخ بكر أبو زيد ضمن الردود (ص ٤٨٧).
(٢) ينظر: الألفاظ المستعملة في المنطق للفارابي (ص ٥٠)، ومحك النظر للغزالي (ص ٢٥٧)، وآداب البحث والمناظرة (ص ٤٧ - ٤٨).

<<  <   >  >>