للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبصيرةٍ، وما مَنَّ اللهُ به عليهم من الفضائل؛ عَلِم يقينًا أنَّهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان، ولا يكون مثلهم» (١)، وأمَّا ما ورد في صفة وأجر الغرباء، وأنَّ للعامل في أيام الصبر أجر خمسين من الصحابة (٢)؛ فهو محمولٌ عند أهل العلم على الفضل المقيَّدِ: فلهم أجرُ خمسين في صبرهم على البلاء، وتسلُّطِ الأعداءِ، مع قلَّةِ المعين، لا أنَّ لهم أجر خمسين من الصحابة في كلِّ عملٍ؛ بل هم أفضلُ من الصحابة في خصلةٍ من خصال الدِّين، وفضيلةٍ من الفضائل، فالتفضيلُ المقيَّدُ لا يُوجبُ الفضلَ المطلقَ (٣).

وهذا التفضيلُ الذي ذكره المؤلف ظاهرُه الإجمالُ، أي تفضيلُ أهلِ القرن الأوَّل على القرن الثاني إجمالًا، ثم يقال: هل كلُّ صحابيٍّ أفضلُ من كل مَنْ جاء بعد الصحابة؟ هذا محلُّ خلافٍ ونظر، ويمكن


(١) العقيدة الواسطية (ص ١٢٢).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٣٤١) والترمذي (٣٠٥٨)، وابن ماجه (٤٠١٤) من طرق عن عتبة بن أبي حكيم قال: حدثني عمرو بن جارية اللخمي قال: حدثني أبو أمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني … وفيه سألت عنها رسول الله ، فقال: «فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلًا، يعملون بمثل عمله».
وعمرو بن جارية وأبو أمية فيهما جهالة. قال ابن حجر في كل واحد منهما: «مقبول» يعني عند المتابعة، وإلا فليِّن الحديث. ينظر: التقريب (٤٩٩٧)، (٧٩٤٧). وعتبة بن أبي حكيم فيه خلاف من قبل حفظه، وقال ابن حجر فيه: «صدوق يخطئ كثيرًا» التقريب (٤٤٢٧).
وللحديث شواهد من حديث ابن مسعود وعتبة بن غزوان . ينظر: الصحيحة (٤٩٤).
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى (١١/ ٣٧١)، (١٣/ ٦٥ - ٦٦).

<<  <   >  >>