للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثالثة؛ لأنَّ مَلَكَ الموتِ معه أعوانٌ من الملائكة: ملائكةُ الرحمةِ أو ملائكةُ العذابِ، وقد جاء في بعض الآيات إضافةُ التوفِّي إلى الله ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ [الزمر: ٤٢]؛ لأنَّ ما تفعله الملائكةُ بأمره ومشيئتِه، وبهذا يزول ما يُتوهَّم من التعارض (١)، وقد تضمَّن كلامُ المؤلفِ ذِكرَ الحفظةِ الكاتبين، ومَلَكَ الموتِ، وبهذا ينتهي كلامُه في الغيبيات التي طريقُ العلمِ بها هو النقلُ المستندُ للوحي.

قوله: (يكتبون أعمالَهم): أي: جميعَ أعمالِهم الصالحةِ وغيرِها، الظاهرةِ والباطنةِ؛ لعموم الأدلةِ في ذلك؛ كقوله: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد (١٨)[ق] (٢).

قوله: (ولا يسقطُ شيءٌ من ذلك عن عِلم ربِّهم): أي: لا يغيب شيءٌ من أعمالِ العبادِ وأقوالهم عن علمِه ، وخَلْقِه تعالى ملائكةً وَكَلَهم بحفظ أعمالِ العبادِ؛ ليس لحاجتِه إلى أنْ يعلمَ أعمالَ العبادِ لِئلَّا ينساها، بل قدَّرَ ذلك لحِكَمٍ بالغةٍ؛ فإنَّ اللهَ تعالى لا يَضِلُّ ولا يَنسى.

* * * * *


(١) ينظر: تفسير القرطبي (٧/ ٧)، (١٤/ ٩٤)، والبحر المحيط في التفسير (٤/ ٥٣٩ - ٥٤٠)، ودفع إيهام الاضطراب (ص ٢٥٤).
(٢) ينظر: المحرر الوجيز (٥/ ١٦٠)، وزاد المسير (٤/ ١٦٠)، وتفسير ابن كثير (٧/ ٣٩٨)، والإيمان لابن تيمية (ص ٤٤)، والجواب الكافي (ص ٣٧٤).

<<  <   >  >>