للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير (٢٢)[الحديد].

الأصلُ الثالث: الإيمانُ بعمومِ مشيئةِ الله، وأنَّه لا خروجَ لشيءٍ عن مشيئته، فما شاءَ كان، وما لم يشأ لم يكن.

فهذا الوجودُ كلُّه حاصلٌ وموجودٌ بمشيئته وقدرته، فقال تعالى: ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاء اللَّهُ﴾ [الإنسان: ٣٠]، بما في ذلك أفعالُ العباد؛ فهي واقعةٌ بمشيئته؛ كما قال تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيد (١٦)[البروج]، وقال تعالى: ﴿يَهْدِي مَنْ يُرِيد (١٦)[الحج]، وقال تعالى: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء﴾ [فاطر: ٨]، وقال تعالى: ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاء الذُّكُور (٤٩)[الشورى]، وقال تعالى: ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِرُ﴾ [الشورى: ١٢].

الأصلُ الرابع: الإيمانُ بعمومِ خَلْقِه؛ يعني أنَّه خالقُ كلِّ شيءٍ، قال تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل (٦٢)[الزمر]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر (٤٩)[القمر].

فهذه أربعةُ أصول، لا يتحقَّقُ الإيمانُ بالقدرِ إلَّا بالإيمان بها (١).

وضلَّ في القدرِ طائفتان: الجبريةُ الذين أثبتُوا القدر، ولكنهم غلوا فيه؛ فنفوا أفعالَ العباد، وقالوا: العبادُ لا فِعلَ لهم، ولا مشيئةَ ولا قدرةَ، فالعبادُ يتحركون ويتصرَّفُون كالحركات اللاإرادية؛ كحركةِ المُرتعشِ


(١) ينظر: الواسطية بشرح شيخنا (ص ١٩٢ - ٢٠١)، وشفاء العليل (١/ ١٠٠) وما بعدها، وجامع العلوم والحكم (١/ ١٠٣).

<<  <   >  >>