للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ردَّ اللهُ على الكفار في جحدِهم للبعثِ بذكر الأدلة على قدرتِه التامَّة، فلا يُعجزُه شيءٌ، وهي طُرق القرآنِ في إثبات إمكان البعث:

أحدها: الاستدلال بالنشأة الأولى، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُون (٦٢)[الواقعة]، وقال تعالى: ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيد (١٥)[ق].

الثاني: الاستدلال بخلق السماوات والأرض؛ قال تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم﴾ [يس: ٨١]، وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير (٣٣)[الأحقاف]، وقد ذكر شيخُ الإسلام الطُرقَ الأربعةَ بشواهدها من القرآن في «الردِّ على المنطقيين» (١).

قوله: (كما بدأهم يعودون):

أي: كما بدأَ خلقهم من ترابٍ ومن نطفةٍ يُعيدُهم ويُنشئُهم نشأةً أخرى تُناسبُ حياةَ البقاء، وفي هذا إشارةٌ من المؤلف إلى الدليل الأوَّل، وهو الاستدلالُ بالمبدأ على المعاد.


(١) الرد على المنطقيين (ص ٣٦٤ - ٣٦٦). وينظر: شرح الطحاوية لشيخنا (ص ٢٤٢ - ٢٤٤). وقد اقتصر شيخنا على ذكر اثنتين، وبقيت طريقتان، هما:
٣ - الاستدلال بخلق النبات وإحياء الأرض بعد موتها. ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (١١)﴾ [ق].
٤ - الاستدلال بما وقع من إحياء الموتى فيما سبق. فذكر الله في سورة البقرة خمس وقائع، منها قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)﴾ [البقرة].

<<  <   >  >>