للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن المنكرات، ولا يُقالُ: هذا صغيرٌ، وإن كانوا لو فعلوه لم يأثموا، ولم يستوجبوا عقابًا، لكن يجبُ على الآباءِ والأمهات أن يأمروهم وينهوهم، وفي هذا تربيةٌ لنفوسهم، وهي أهمُّ من تربيةِ أبدانهم بأنواع الأغذية وأسباب الوقاية.

قوله: (فكذلك ينبغي أن يَعلموا ما فرض اللهُ على العباد من قولٍ وعملٍ قبل بُلوغهم؛ ليأتيَ عليهم البلوغُ وقد تمكَّن ذلك من قلوبهم، وسكنت إليه أنفسُهم، وأَنِسَتْ بما يعملون به من ذلك جوارحُهم):

(من قولٍ): يعني: اعتقادٍ، فالقولُ يُطلقُ على الاعتقادِ كما يقولُ الأئمة: «الإيمانُ قولٌ وعملٌ»، قولُ القلبِ واللسانِ، وعملُ القلبِ والجوارحِ (١)، فهكذا ينبغي أن يتعلَّمُوا ما فرضَ اللهُ عليهم من أمرِ الديانةِ من قولٍ وعملٍ.

(قبل بُلوغهم؛ ليأتيَ عليهم البلوغُ وقد تمكَّن ذلك من قلوبهم): هذا أمْرٌ معروفٌ في التربية؛ فإهمالُ الصغير وتركُ الحبلِ على الغارب له (٢)؛ يتصرفُ بنزواتِه ونزعاتِه وجهلِه، فهذا فيه إضرارٌ به، وجِنايةٌ من وَلِيِّه عليه، حتى ولو كان الصبيُّ يتيمًا فإنه يجب أمرُه بالصلاة وضربُه عليها،


= فليتم بقية يومه ومن أصبح صائمًا، فليصم»، قالت: فكنا نصومه بعد، ونُصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار.
(١) ينظر: (ص ١٥٨).
(٢) الغارب هو مُقدَّم السّنام في البعير، يُقَال: ألقيت حبله على غاربه إِذا تركته يذهب حَيْثُ يُرِيد، ويُضرب به المثل عند منح الحرية الكاملة، من دون قيد أو شرط. ينظر: جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري (١/ ٣٨٢).

<<  <   >  >>