للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يجوزُ أن يُنسبَ إلى شيخِ الإسلام ولا لابنِ القيمِ القولُ بفناءِ النارِ؛ لأنَّه لم يُصرِّحْ واحد منهما بفناءِ النارِ، وإنَّما يذكران الخلافَ، ووجوهَ الاستدلالِ (١).

فمِن شُبَه القائلين بفناءِ النار: قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيق (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ﴾ [هود]، وأجيب بأن المُرادُ مدَّةُ مُكثِهم في الدنيا، أو مُكثُهم في البرزخِ، أو في مواقفِ القيامة (٢).


(١) اختلف العلماء في بيان موقف شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم من هذه المسألة إلى أقوال:
الأوَّل: القائلون بأنَّهما يقولان بفناء النار، نسبه إليهما أعداؤهما من المتجهمة كالحصني في «دفع شُبه من شبَّه وتمرد!» (ص ٥٨) والسبكي فقد أشار إليه في رسالة «الاعتبار ببقاء الجنة والنار» (ص ٦٧)، ونسبه إليهما بعض الموافقين لهما؛ كالصنعاني في رسالته «رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار» (ص ٦٣) وما بعدها.
الثاني: القائلون بأنَّهما لا يقولان بفناء النار؛ لأن هذا قول السلف، وهما يقولان به؛ إذ هما يُعدان من أكبر شُرَّاح عقيدة السلف، ففي بيان تلبيس الجهمية (١/ ٤٦٩)، ومجموع الفتاوى (١٨/ ٣٠٧) لشيخ الإسلام، والوابل الصيب (ص ٤٢ - ٤٣)، وزاد المعاد (١/ ٦٨) لابن القيم، ما يُفهم أنَّهما يقولان ببقاء النار ودوامها.
الثالث: القائلون بأنَّهما يميلان إلى القول بفناء النار؛ لعدم التصريح بإبطال القول بفناء النار، فمجمل الكلام يُشعِر بأنَّهما يرتضيان هذا القول، وإن لم يصرحا به. ينظر: لوامع الأنوار البهية للسفاريني (٢/ ٢٣٥).
الرابع: التوقف وأنَّ الله فعَّال لما يريد. قاله ابن القيم في شفاء العليل (٢/ ٣٢٧ - ٣٢٨)، ومختصر الصواعق (٢/ ٦٦٣)، وحادي الأرواح (٢/ ٧٩١)، ونقل عن شيخ الإسلام أنَّه قال: هذه المسألة عظيمة كبيرة ولم يجب فيها بشيء قبل أن يصنف كتابًا في هذه المسألة.
(٢) ينظر: تفسير الطبري (١٢/ ٥٨٧ - ٥٨٨)، وزاد المسير (٢/ ٤٠١ - ٤٠٢)، وتفسير ابن كثير (٤/ ٣٥١ - ٣٥٢)، ودفع إيهام الاضطراب (ص ١٣٣) وما بعدها.

<<  <   >  >>