للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصُّدُور (١٥٤)[آل عمران]: يعلم ما في أنفسكم، وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ﴾ [آل عمران: ٢٩].

وقوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد (١٦)﴾: اختلفَ المفسرون في هذا القُرْب، فقِيل - وهو أكثرُ ما جاءَ عن المُفسِّرين من السلفِ -: إنَّ المُرادَ قربُه تعالى بملائكتِه المُوكَّلين بالعبدِ بحفظِ عمله، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١)[الانفطار]، فقوله: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد (١٦)﴾، نظيرُ قوله: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُون (٨٥)[الواقعة]، وأنَّ المرادَ قربُ الملائكةِ، وهم ملائكةُ التوفّي المُوكَّلين بتوفِّي أرواحِ العباد، وعلى هذا فلا تدلُّ الآيةُ على إثباتِ القربِ العامّ.

وقِيل؛ المرادُ بالآيتين: قربه تعالى بنفسه، وأنَّ هذا القربَ هو قربُه بعلمِه كما قِيل ذلك في المعية العامة.

والمصنِّفُ مشى على هذا المعنى الأخير؛ حيث قالَ: (وهو أقربُ إليه من حبلِ الوريدِ)، فظاهرُ هذا التعبيرِ أنَّه يُثبت القربَ العام، ولا إشكالَ على كلِّ تقديرٍ ولله الحمدُ، لكنَّ الأوَّلَ هو الراجحُ في تفسيرِ الآية، وهو المأثورُ عن أكثر السَّلفِ، وأنَّ المرادَ: قربُه تعالى بملائكته كآيةِ الواقعةِ (١).


(١) هو قول شيخ الإسلام وابن القيم في بعض كتبه. ينظر: بيان تلبيس الجهمية (٦/ ٢٥ - ٤٠)، وشرح حديث النزول (ص ٣٥٤) وما بعدها، ومجموع الفتاوى (٦/ ٢٠ - ٢٣)، ومدارج السالكين (٢/ ٦٢٣)، (٢/ ٦٥٧)، ومختصر الصواعق المرسلة (٣/ ١٢٥١).

<<  <   >  >>