بعث الرسل نعمة من الله على العباد، وقطعٌ لحجتهم على الله
(الباعثُ الرُّسُل إليهم؛ لإقامة الحجَّةِ عليهم، ثم ختم الرسالةَ والنَّذارةَ والنبوَّةَ بمحمَّدٍ نبيِّه ﷺ، فجعله آخرَ المرسلين بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وأنزل عليه كتابَه الحكيم، وشرح به دينَه القويم، وهدى به الصراطَ المستقيمَ):
بعدما ذكرَ المؤلفُ وجوبَ الإيمانِ بالقدَرِ وفصَّلَ في ذلك، وهو من تمام الكلامِ في التوحيد؛ أتبعَ ذلك بذِكرِ بعثِ اللهِ الرُّسل، وأنَّ الله تعالى بعثَ الرُّسلَ مُبشِّرين ومُنذِرين؛ لإقامةِ الحُجَّةِ على العبادِ؛ قال تعالى: ﴿رُّسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥]، وختمَهم بمحمدٍ عبده ورسوله سيّدِ المرسلين صلواتُ الله عليه وعليهم أجمعين؛ قال تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠].
وأخبر تعالى أنه بعثَ الرسلَ يدعون إلى عبادة اللهِ وتركِ عبادةِ ما سواه؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]، وبيَّنوا للناس شرائعَ الدِّينِ، والحلالَ والحرامَ، وأوجب على العباد طاعتَهم واتِّباعَهم.