للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذِكْرُ بَعثِ الرُّسلِ بعد ذِكرِ القدَرِ يتضمَّنُ تقريرَ أصلٍ؛ وهو: وجوبُ الإيمانِ بالشرعِ والقدر، فلا بدَّ من الإيمان بالأمرَين جميعًا (١).

وقد أحسنَ المؤلف بذِكرِ بعثِ الرُّسلِ بعد تقرير إثبات القدر، فلا بدَّ من الإيمانِ بهذا وهذا لأنَّه لا يستقيم دين العبد حتى يؤمن بالشرع والقدر جميعًا.

قوله: (الباعثُ الرُّسُلَ إليهم؛ لإقامة الحجَّةِ عليهم): الغايةُ من إرسالِ الرسلِ هو دعوةُ الخلقِ، والإعذارُ إليهم -كما تقدَّمَ (٢) - بشارة للمستجيبين، وإنذارًا للمُعرضين والمُكذِّبين، بل النّذارةُ عامَّةٌ، وأوَّل المُنتفعين بها هم الذين استجابوا لدعوةِ الرسلِ، قالَ الله في الكفار: ﴿وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُون (١٠) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيم (١١)[يس].

قوله: (ثم ختم الرسالةَ): أوَّلُ الرسلِ: نوحٌ (٣)، فلَمَّا حدثَ الشِّركُ في العالمِ في قومه، أرسلَ اللهُ نوحًا فلبثَ في قومه ألفَ سنةٍ إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله، وما آمنَ معه إلا قليلٌ، وختمَ النبوةَ بمحمدٍ ؛ كما قالَ تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ


(١) تنظر أقسام الناس في الشرع والقدر في: مجموع الفتاوى (٨/ ٢٥٦ - ٢٦١)، (٢٢/ ١٣١ - ١٣٢)، والاستقامة (١/ ٤٣٣ - ٤٣٤)، وشرح التدمرية (ص ٥٥٧) وما بعدها، وتوضيح مقاصد العقيدة الواسطية لشيخنا (ص ١٩٩).
(٢) تنظر: (ص ٢١).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٤٠)، (٤٧١٢)، ومسلم (١٩٤ - ٣٢٢) عن أبي هريرة ، وأخرجه البخاري (٤٤٧٦) ومسلم (١٩٣) عن أنس بن مالك في حديث الشفاعة الطويل.

<<  <   >  >>