للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليهم - كالشافعي ومالك مثلًا - في مسائلِ الاعتقاد في الجملة، فمُقِلٌّ ومُستكثِر (١).

ويمكن أن يُستشهَد لهذا المعنى ببيتٍ لابن عاشر (٢)؛ قال فيه:

في عقد الأشعري وفقه مالك … وفي طريقة الجنيد السالك (٣)

فتراه اتَّخذ ثلاثة أئمة: الأشعري في العقيدة، ومالك في الفقه، والجنيد (٤) في السلوك.


(١) كان المغاربة على مذهب السلف في أصول الدين زمن دولة المرابطين (٤٥١ - ٥٤١ هـ)، فلما أظهر محمد بن تومرت المغربي المصمودي (ت ٥٢٤ هـ) دعوته؛ كفَّر مخالفيه من المغاربة، واتهمهم بالتشبيه والتجسيم، واستباح دماءهم وأموالهم، ودخل في حروب طاحنة مع المرابطين، وأدخل المغرب الإسلامي في فتنة دامية، وفرض الأشعريةَ على الرعيَّة، فكان شرًا على الملَّة من الحجاج بن يوسف بكثير، واستباح قتل مخالفيه من العلماء، وسمَّى أصحابه «موحدين»، وهم جهميةٌ نُفاة لصفات الله تعالى، وعندما هلك واصل أتباعُه دعوتَهُ، وارتكبوا مجازر رهيبة في حق المرابطين عندما دخلوا مدينة مراكش سنة (٥٤١ هـ)، ويُروى أنهم قتلوا منهم سبعين ألف شخص! ينظر: السير للذهبي (١٩/ ٥٣٩)، ومجموع الفتاوى (١١/ ٤٧٦)، والمنار المنيف لابن القيم (ص ١٥٣ - ١٥٤).
(٢) ابن عاشر: عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عاشر، أندلسيّ الأصل، نشأ بفاس، له تصانيف منها: «المرشد المعين على الضروريّ من علوم الدين»، وشرح على «مورد الظمآن في علم رسم القرآن». توفي في فاس في ذي الحجة سنة (١٠٤٠ هـ) وعمره خمسون سنة. ينظر: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (٣/ ٩٦)، وشجرة النور الزكية (١/ ٤٣٤).
(٣) ينظر: متن ابن عاشر المسمى بالمرشد المعين على الضروري من الدين (ص ٢، رقم البيت ٥).
(٤) الجنيد: أبو القاسم الجنيد بن محمد الخزاز، أصله من نهاوند وولد ونشأ ببغداد، وسمع بها الحديث وتفقه على أبي ثور، كان زاهدًا عابدًا، توفي سنة (٢٩٧ هـ). ينظر: طبقات الصوفية (ص ١٢٩)، وسير أعلام النبلاء (١٤/ ٦٦).

<<  <   >  >>