قوله:(وأَرجى القلوبِ للخير ما لم يَسبقِ الشَّرُّ إليه): هذه لفتةٌ مهمَّةٌ من المؤلف وحكمةٌ قيّمةٌ، فأرجى القلوب إلى الخير؛ يعني: أحراها بالخير، والصلاح، وبالمعاني الجليلة، والاعتقاداتِ الصحيحةِ والأعمال الصالحة؛ هي القلوب التي لم يسبق إليها الشرُّ كتأثير الأبَوين بغرس الباطل في قلب الناشئ كما في الحديث:«فَأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه»(١)، فإنَّ القلبَ الذي يسبق إليه الشرُّ ويدخلُه ويحلُّه؛ لا يقبل الخيرَ إذا وَردَ عليه ودُعي إليه؛ فإنَّ الشرَّ ضدُّه، والضدان لا يجتمعان، وكذلك العكس، فالقلبُ الذي يسبق إليه الخيرُ ويستقرُّ فيه فإنَّه يدفع الشرَّ إذا وَردَ عليه أو دُعي إليه، ولهذا أرشد المؤلفُ إلى المبادرة بغرس الخيرِ في قلوب الناشئةِ، والمقصود: أنَّ الإنسان الخالي قلبه عن الاعتقادات الباطلة إذا عُرِضَ عليه الخيرُ تَقَبَّلَه؛ لأنَّ هذا هو مُوجبُ الفطرةِ، يقال: فلانٌ على الفطرة، فالقلوبُ مفطورةٌ على حبِّ الخير وإيثارِ الحقِّ، لكن
(١) أخرجه البخاري (١٣٥٨) - واللفظ له -، ومسلم (٢٦٥٨) من حديث أبي هريرة ﵁.