للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندما يُشاهِدُ بعضَ الأمةِ ممَّن يُذادُ؛ يقولُ: «فأقول أصحابي أصحابي»، فيُقالُ له: «إِنَّك لا تدري ما أَحدثوا بعدكَ؛ إِنَّهم ما زالوا مرتدِّينَ على أَعقابِهم منذ فارقتَهم»، فيقول : «سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي» (١).

وهؤلاء الذين يُذادون عن الورودِ قد يكونون مُرتدِّين الرِّدةَ الكبرى التي يستوجبون بها دخولَ النار والخلودَ فيها، وقد يكونون مُرتدِّين عن الاستقامةِ بتركِ السُّنةِ واعتناقِ البدعة وبالمعاصي والمُخالفات (٢)؛ فإنَّ هذه تمنعُ من الورودِ؛ لأنَّ من وردَ وشرب من حوضه نجى، لقوله : «وَمن شرب منه لم يظمأ بعده أبدًا» (٣).

ثم إنَّ أهلَ العلمِ تكلَّموا عن الحوضِ: هل هو قبل الصِّراطِ؟ أم بعدَه؟

على قولين:

قيل: إنَّه قبل الصِّراط، وقيل: إنَّه بعده (٤)، ولكن ليس هناك أدلةٌ ظاهرةٌ تُوجبُ الجزمَ بواحدٍ من القولَين، وذهب ابنُ القيم إلى أنَّه يمكن


(١) أخرجه بنحوه البخاري (٦٥٨٤)، (٧٠٥١)، ومسلم (٢٢٩١) من حديث أبي سعيد الخدري، وسهل بن سعد .
(٢) ينظر: شرح النووي على مسلم (٣/ ١٣٦)، (١٥/ ٦٤)، وفتح الباري (١١/ ٣٨٥ - ٣٨٦).
(٣) أخرجه البخاري (٧٠٥٠) عن سهل بن سعد ، ومسلم بنحوه (٢٢٩٢) عن عبد الله بن عمرو .
(٤) ينظر: الدرة الفاخرة للغزالي (ص ١١٧ - ١١٨)، والتذكرة للقرطبي (٢/ ٧٠٢)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٢٧٩)، وفتح الباري (١١/ ٤٦٦)، ولوامع الأنوار (٢/ ١٩٥).

<<  <   >  >>