للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا من الإحسان إليه، وبعضُ الناس يتحرَّجُ من ضَرْبِ اليتيم، فيترك تربيتَه رحمةً به، وهذا خطأٌ؛ فإنَّ تربيتَه إحسانٌ إليه، وإهمالَه إساءةٌ إليه، فعامِلِ اليتيمَ بنحو ما تُعامل به أولادَك من وجوهِ وطرقِ التربيةِ البدنيةِ والروحيةِ، حتى إذا ارتاضَت نفوسُهم، وسكنَت جوارحُهم، وانقادَت طبائعُهم لِمَا كُلِّفُوا به؛ أدركهم البلوغُ وهم مستعدُّون لأداء ما افترضَ اللهُ عليهم، والحمدُ لله.

وهنا مسألة: الناشئُ الذي وُلد على الإسلامِ ويشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، إذا بلغَ هل يُكلَّفُ أن ينطقَ الشهادتين؟

الجواب: لا يكلَّف بذلك، فقد حصلَ منه النطقُ وللهِ الحمدُ، ويُشبِّهون هذا بمَن توضَّأ قبل دخولِ الوقت فإنَّه لا يُؤمَر بتجديده إذا دخلَ الوقتُ، فهذا قد أتى بالشهادتَين قبل التكليف، وصحَّ إسلامُه، فلا يحتاجُ إلى أن يُجدِّدَ إسلامَه إذا بلغَ؛ لأنَّه قد جاءَ بالإسلامِ وأتى بالشهادتين ونطقَ بهما قبل وجوبِهما عليه (١).

قوله: (وقد فرض اللهُ على القلب عملًا من الاعتقادات، وعلى الجوارح الظاهرةِ عملًا من الطاعات.

وسأُفصِّلُ لك ما شرطتُ لك ذكرَه بابًا بابًا؛ ليَقربَ من فهم مُتعلِّميه - إن شاء الله تعالى -. وإيَّاه نستخيرُ وبه نستعينُ، ولا حول ولا قوَّةَ إلَّا بالله العليِّ العظيمِ، وصلَّى اللهُ على سيدنا محمَّدٍ نبيِّه، وآلِه وصحبِه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا):


(١) قال شيخ الإسلام: «واتفق المسلمون على أن الصبي إذا بلغ مسلمًا، لم يجب عليه عقب بلوغه تجديد الشهادتين». درء التعارض (٨/ ٨)، وينظر: (٨/ ١١، ١٣).

<<  <   >  >>