للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشارَ المُصنفُ إلى تعلُّقِ أحكامِ الدين وأمورِ الديانةِ بالقلبِ، واللسانِ، والجوارحِ - كما تقدَّمَ -، وهذه المُتعلَّقاتُ منها ما هو فرضٌ، ومنها ما هو مُستحبٌّ. فأعمال القلوب - مثلًا - منها ما هو واجبٌ، ومنها ما هو مُستحبٌّ، لكن الإيمان بأصول الإيمان على سبيل الإجمال فرض عين.

فنقول: الإيمانُ باللهِ، وملائكتِه، وكتبِه، ورسله، واليومِ الآخر، وبالقدرِ خيرِه وشرِّه، على سبيل الإجمال فرضُ عينٍ على كلِّ مُكلَّفٍ، لكنَّ معرفتَها على سبيلِ التفصيل فرضُ كفايةٍ، فكثيرٌ من المسلمين - أو أكثرُهم - لا يعرفون هذه الأصولَ تفصيلًا، إنما يعرفُ هذا أهل العلم، فإنهم يعرفُون من الإيمانِ بهذه الأصول تفصيلًا ما لا يعرفهُ العامَّةُ؛ لِعِلمهم بالكتاب والسنَّة، وهكذا أعمالُ القلوب والجوارح؛ منها ما هو فرضٌ، ومنها ما هو مُستحبٌّ.

واسمُ الدِّينِ شاملٌ لكلِّ ما جاء به الرسولُ ، والرسولُ في حديثِ «جبريلَ» إنما ذكرَ مراتبَ الدِّينِ؛ وهي: الإسلام والإيمان والإحسان، وأصولَ كلِّ مرتبة؛ ثم قال: «فإنَّه جِبريلُ، أَتاكم يُعَلِّمُكم دِينكم» (١)، يعني: ما بيَّنه في تفسير الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ، لكنَّ تفصيلَ هذه الأصولِ مُبيَّنةٌ في الكتاب والسنَّةِ.

فمثلًا: الصلاةُ والزكاةُ والصيامُ مُجمَلةٌ في الحديث، لكن تحتاجُ إلى تفصيل أحكامِها، فمنه ما هو مُبيَّنٌ في القرآنِ وهو قليلٌ، وأكثرُه


(١) أخرجه مسلم (٨ - ١) - بهذا اللفظ - من حديث ابن عمر ، وأخرجه البخاري (٥٠)، ومسلم (٩) عن أبي هريرة بنحوه.

<<  <   >  >>