للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وأنه لا يكفرُ أحدٌ بذنبٍ من أهل القبلة):

هذه المسألةُ من فروع مسألةِ الإيمان، وهذا مذهبُ أهلِ السنَّة، يقولون: لا يكفرُ أحدٌ من أهل القبلة بكلِّ ذنبٍ ما لم يستحله، وإن كانت من الكبائر؛ كالزنا والقتلِ والشربِ، وهذا هو الأصحُّ في التعبير تقول: بكلِّ ذنب، فيكون من قَبيل سلبِ العموم (١)، وعبارةُ المؤلف من قَبيل عمومِ السَّلبِ، خلافًا للخوارج الذين يُكفِّرون بكبائر الذنوب، ومنهم مَنْ يُكفِّرُ بالصغائر، وقد يعدُّون ما ليس بذنبٍ ذنبًا؛ فيُكفِّرون به كما فعلوا مع عليٍّ وعثمان ، ويُخلِّدون مرتكبَ الكبيرةِ في النار إذا مات من غير توبةٍ. وخلافًا للمعتزلة الذين يقولون: إنَّ مرتكبَ الكبيرةِ في الدنيا في منزلةٍ بين المنزلتين، وجعلوا ذلك أحد أصولهم الخمسة وفي الآخرة مخلدٌ في النار (٢). وأهلُ القبلة: كلُّ مَنْ يشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، ولم يأتِ بناقضٍ من نواقض الإسلامِ، فمَن أتى بناقضٍ عالمًا عامدًا مختارًا جادًّا أو هازلًا صار مرتدًا، ولم يكن من أهل القبلةِ.

ومن دليل أهلِ السنَّةِ على عدم التكفيرِ بالذنوبِ، وإن كانت من الكبائر؛ قولُه تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ إلى قوله: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الحجرات: ٩ - ١٠]، فسمَّاهم مؤمنين وإخوةً مع اقتتالِهم.

* * * * *


(١) ينظر: شرح الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٤٣٣ - ٤٣٤).
(٢) ينظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار المعتزلي (ص ٦٩٧) وما بعدها.

<<  <   >  >>