للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل المقصود منها توحيد العبادة فلو كان معناها لا خالق إلا الله لَقَبِلها المشركون ولَمَا أنكروها؛ لأنهم مُقرُّون بأنَّه لا خالق إلا الله؛ لقوله تعالى: ﴿﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان: ٢٥]، فالفرقُ بين الموحِّدِ والمشرك هو توحيدُ العبادة، فالمسلمُ يُقرُّ به والمشركُ يُنكره؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُون (٣٥)[الصافات]، وقال تعالى: ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّاب (٤) جَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَاب (٥)[ص] (١)، فلا بدَّ من التنبُّهِ لهذا الفرقِ بين المعنيين والفرق بين الفريقين.

وكلمةُ التوحيد جاءت في القرآنِ بألفاظٍ كثيرة، ومعناها واحد؛ فقال تعالى: ﴿اللّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، وقال: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ١٨]، وقال: ﴿لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين (٨٧)[الأنبياء]، وقال: ﴿لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ [طه: ١٤]، وقال: ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُون (٣٥)[الصافات].

وجاءَت في هذه المواضعِ ونحوِها بصيغةِ الحصر الذي يكون بالنفي والاستثناء كما في الآيات أو ب «إنما»؛ كقوله تعالى: ﴿﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ﴾ [طه: ٩٨] (٢)، وكلها من قَبيل قصرِ الصفةِ على الموصوف.


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (١/ ٢٣)، (١٠/ ٦٦٩)، واقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧)، والاستغاثة (ص ١٦٣)، وبدائع الفوائد (٤/ ١٥٤٣ - ١٥٤٤).
(٢) تارة تذكر بلفظها بالاسم الظاهر، وبالضمير بأنواعه: المتكلم والمخاطب والغائب، وتارة تذكر بمعناها بالنفي والإثبات، وتقديم المعمول. ينظر: شرح كلمة الإخلاص لشيخنا (ص ١٢٨ - ١٢٩).

<<  <   >  >>