للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنظرُ من الأسباب التي يَقوى بها إيمانُ المؤمن، ولهذا أثنى اللهُ على أوليائه أولي الألباب بالتفكُّر في المخلوقات؛ قال تعالى: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار (١٩١)[آل عمران]، وكان النبيُّ إذا قام من الليل يرفع بصرَه إلى السماء، ويقرأ هذه الآيات من سورة آل عمران: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ … ﴾ إلى آخرها [آل عمران: ١٩٠] (١)، فالتفكُّر في الآيات الكونية، والتدبُّر للآيات الشرعية القرآنية؛ هما من أعظم أسبابِ زيادة الإيمان.

والمقصود: أنَّ النظرَ مشروعٌ، لكن لا يقال: إنَّه أوَّل واجبٍ، بل أوَّلُ واجبٍ هو التوحيد كما تقدم (٢).

قوله: (من واجب أمورِ الديانات): يريد: المسائل التي يجب اعتقادُها، والنطقُ والإقرارُ بها، فيجب على العبد الإيمان بها ظاهرًا وباطنًا، وذلك ممَّا أجمع عليه أهلُ السنَّةِ، بل منه ما أجمعت عليه الأمَّةُ، ولهذا قال المؤلف في مقدمة كتابه «الجامع» (٣): «فممَّا أجمعت عليه الأمَّة من أمور الديانة، ومن السنن التي خِلافُها بدعة وضلالة: أنَّ اللهَ - تبارك اسمه - له الأسماء الحسنى، والصفات العلى … » (٤).


(١) أخرجه البخاري (٤٥٦٩)، ومسلم (٢٥٦)، من حديث ابن عباس .
(٢) ينظر: درء التعارض (٧/ ٣٥٣)، (٨/ ٣)، ومجموع الفتاوى (١٦/ ٣٢٨ - ٣٣١)، ومدارج السالكين (١/ ٢٠٧) (٤/ ٤٤٠)، وشرح الطحاوية لشيخنا (ص ٢٣ - ٢٤).
(٣) واسمه الكامل: «الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ» نشرته مؤسسة الرسالة والمكتبة العتيقة التونسية بتحقيق محمد أبو الأجفان، وعثمان بطيخ، وتضمن الكتاب أحد وعشرين بابًا في مواضيع مختلفة، وصدَّره ببابٍ في ذِكْرِ عقيدته ووجوب الاقتداء بالصحابة وترك البدع.
(٤) ينظر: الجامع (ص ١٠٧).

<<  <   >  >>