للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: قوله: (وأنَّ المؤمنين يُفتنون في قبورهم ويُسألون، ﴿يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَة﴾ [إبراهيم: ٢٧]):

يُقرِّرُ المؤلِّفُ عقيدةَ أهلِ السنَّة في فتنة القبر؛ وهي: امتحانُ الميتِ بسؤاله عن ربِّه ودينِه ونبيِّه. وقوله: (وأنَّ المؤمنين يُفتنون): يدلُّ على أنَّ فتنةَ القبرِ عنده مختصَّةٌ بالمنتسبين للإيمان دون الكفار، ويدخل في المؤمنين المنافقُ، ويدلُّ لِمَا قال: قولُه : «أُوحيَ إليَّ أنَّكم تُفتنون في قبوركم مثلَ أو قريبَ من فتنة المسيحِ الدَّجالِ، يقال: ما عِلمك بهذا الرجل؟ فأمَّا المؤمنُ أو الموقنُ فيقول: هو محمَّدٌ رسولُ الله، جاءنا بالبيِّناتِ والهدى فأجبنا واتَّبعنا؛ فيقال: نمْ صالحًا قد علمنا إن كنت لموقنًا به، وأمَّا المنافقُ أو المرتاب؛ فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلتُه» (١)، وقد ذهب ابنُ عبدِ البرِّ (٢) إلى أنَّها خاصَّةٌ بالمؤمنين، كما ذهب إليه ابن أبي زيد، واختار ابنُ القيمِ (٣) والقرطبيُّ (٤) أنَّ فتنةَ القبرِ عامَّةٌ للمؤمنين والكفار، ولكلٍّ من القولين أدلةٌ من السنَّة، والمسألةُ محتملةٌ، واللهُ أعلمُ بالصواب، وأمَّا عذابُ القبر ونعيمه؛ فقد تقدَّم في المسألة الثانية.


(١) أخرجه البخاري (٨٦)، ومسلم (٩٠٥) من حديث عائشة .
(٢) التمهيد (٢٢/ ٢٥٢).
(٣) الروح (١/ ٢٥٢ - ٢٦٠).
(٤) ينظر: التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (١/ ٤١٣ - ٤١٥).

<<  <   >  >>