للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلمَ والكتابَ، فكلُّ القدرية النُّفاة يُخرجون أفعالَ العبادِ عن مشيئةِ الله وقدرتِه وخلقه (١).

فعندهم: أنَّ العبادَ هم الخالقون لأفعالِهم، وأنَّ اللهَ لا يَقْدر على أن يجعلَ المؤمنَ كافرًا أو الكافرَ مؤمنًا، والعاصي مُطيعًا والمُطيع عاصيًا، بل ولا يجعلُ القاعدَ قائمًا أو القائمَ قاعدًا، وهكذا سائرُ الأفعالِ؛ لأنَّ أفعالَ العبادِ هم مُستقلون بها.

وأهلُ السنَّةِ والجماعةِ آمنوا بالقدرِ بكلِّ مراتبه، وبأنَّ العبادَ فاعلون حقيقةً، وأنَّ اللهَ خالقُهم وخالقُ أفعالِهم، طاعاتِهم ومعاصيهم.

فهذا خلاصةُ القول في هذا الأصل، وأدلةُ الحقِّ في هذا ظاهرةٌ في كتاب الله، وفيها إثباتُ شمول علمِه وكتابه للمقاديرِ، وعمومِ مشيئته وخلقه.

قوله: (والإيمانُ بالقدر خيره وشرِّه، حُلوِه ومُرِّه، وكلُّ ذلك قد قدَّره اللهُ ربُّنا):

كأنَّه يريدُ الإيمانَ بتقدير الله الخيرَ والشرَّ، فالخيرُ والشرُّ الواقعُ في الوجودِ هو بتقديرٍ من الله، فمِن الإيمان: الإيمانُ بتقديره تعالى لكلِّ شيء خيرًا كان أو شرًّا، حلوًا كان أو مرًّا، والقدرُ الذي هو فعلُ الربِّ وهو تقديرُه وقضاؤُه وحُكمه لا شرَّ فيه، بل هو عدلٌ وحكمةٌ، وهو تعالى محمودٌ على كلِّ أفعالِه .


(١) ينظر: درء التعارض (٨/ ٤٢١)، ومجموع الفتاوى (٨/ ٤٥٠ - ٤٥١)، والإيمان لابن تيمية (ص ٣٠١ - ٣٠٢)، وشفاء العليل (٢/ ٤٢٦)، وتوضيح مقاصد الواسطية (ص ١٩٨).

<<  <   >  >>