للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (ليس لأوَّليَّته ابتداءٌ، ولا لآخريَّته انقضاءٌ):

هذا يتضمنُ الإشارةَ إلى اسمين من أسماء الله الحسنى، وهما: الأوَّلُ، والآخرُ، فهو الأوَّلُ والآخر والظاهرُ والباطن، وجاءَ تفسيرُهما على لسان أعلمِ الخلق به ، وذلك في قولِه في الدعاء: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ» (١). فالمؤلف يقولُ: ممَّا يجبُ الإيمانُ به: أنَّه الأوَّلُ، وليس لأوليتِه ابتداءٌ، وأنه الآخرُ، وليس لآخريتِه انتهاء.

وهذان الاسمان يدلَّانِ على دوامِه أزلًا وأبدًا، وهما من لوازم كونه تعالى واجبُ الوجود، ومعنى واجبُ الوجود: أنه الذي لا يجوزُ عليه الحدوثُ ولا العدم، فلم يسبقْ وجودَه عدمٌ ولا يلحق وجوده عدم، فهو المُتقدِّمُ على كلِّ شيءٍ، والباقي بعد كلِّ شيءٍ (٢)، فهو دائمٌ أزلاً وأبدًا، وما يبقى من الخلقِ كالجنة والنار؛ فبقاؤُهما بإبقائِه سبحانه، فليس بقاؤهما ذاتيًّا لهما، أما بقاؤُه فهو ذاتيٌّ له (٣)، وينبغي أن يُعلَم أنَّ ذِكرَ اللهِ بواجب الوجود هو من قَبيل الإخبارِ بالحقيقة، لا من باب


(١) أخرجه مسلم (٢٧١٣) من حديث أبي هريرة .
(٢) وللمتكلمين تعاريف أخرى تنظر في: المعجم الفلسفي لصليبا (٢/ ٥٤١ - ٥٤٢)، وشرح المصطلحات الفلسفية (ص ٤٢٠ رقم ١٧٧٠)، وينظر موقف أهل السنة من تعاريف المتكلمين في: الجواب الصحيح (٣/ ٢٨٩ - ٢٩٠)، ومنهاج السنة (٢/ ١٣١ - ١٣٢)، ودرء التعارض (٨/ ١٢٣ - ١٢٤)، والصفدية (ص ٣٢٣ - ٣٢٤)، (ص ٤٤٤) ما بعدها.
(٣) تنظر: (ص ١٤٨).

<<  <   >  >>