للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحسنُ ما قِيلَ في هذا - واللهُ أعلم - أنَّ قوله: ﴿إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ﴾؛ المرادَ به بيانُ أنَّ خلودَ أهلِ النار فيها بمشيئتِه سبحانه، وهكذا أهلُ الجنة، فدوامُ الجنةِ والنار وبقاؤهما وبقاءُ أهلهما إنما هو بمشيئتِه وبإبقائه تعالى، فليس بقاءُ الجنةِ والنار أو أهلِ الجنةِ والنار كبقاءِ الله، فبقاءُ اللهِ ذاتيٌّ له، وحياتُه ذاتيةٌ له، أمَّا بقاءُ الجنةِ والنار؛ فبإبقائِه تعالى وبمشيئتِه (١).

ومع ذِكرِ شيخِ الإسلام وابنِ القيم للقولين؛ لا أذكرُ أنَّهما أضافا - يعني القولَ بفناءِ النار - إلى مُعَيَّنٍ من أهلِ العلم؛ سوى ما رُوي عن بعض الصحابةِ، وإنما يذكران القولَين إجمالًا.

وبعضُ الناس يقول: ما ثمرةُ الكلامِ في فناء النار ودوامها؟ وهذا جاهلٌ يظنُّ أنَّه لابدَّ في كلِّ مسألةٍ خلافيةٍ ثمرةٌ عَمَليةٌ، وهذا يُقال في مسائل أحكام الأفعال، وأمَّا مسائلُ الاعتقادِ؛ فالأصلُ أنَّ المطلوبَ فيها الإيمانُ، والخلافُ فيها يكون بالنفي والإثبات، وثمرةُ الكلامِ فيها، وذِكر الخلافِ: معرفةُ الحقِّ من الباطل من أقوال الناس.

* * * * *


(١) ينظر: شرح الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٦٢٩)، ومعارج القبول (٣/ ١٠٤٠)، وشرح الطحاوية لشيخنا (ص ٣١٨).

<<  <   >  >>