ومن الناس من لا ينتبه ولا ينتفع، لا بالآيات الكونية: الأفقية والنفسية، ولا بالآيات الشرعية، وهم الذين لا يرجون لقاء الله؛ كما قال تعالى: ﴿إَنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُون (٧)﴾ [يونس]، وقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُون (١٠٥)﴾ [يوسف]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم (٧)﴾ [لقمان].
فالرسلُ هم خِيرةُ اللهِ من خلقه، وهم أفضلُ الناسِ على الإطلاق، وهم فيما بينهم مُتفاضلون، إذ إرسالهم مسبوقٌ باختيارهم واصطفائهم، فهم المصطفَون الأخيار، قال تعالى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: ٥٩]، وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَار (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّار (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَار (٤٧)﴾ [ص].
قوله: (فهدى مَنْ وفَّقه بفضله، وأَضلَّ مَنْ خَذلَه بِعدلِه):
هذا أثرُ إرسالِ الرسل، فبعد الإرسالِ يصيرُ الناسُ فريقين، والهدايةُ نوعان: هدايةُ توفيقٍ، وهدايةُ إرشادٍ (١)، والمرادُ هنا بالهداية: هداية التوفيقِ لقَبول الحقِّ، وإجابة دعوةِ الرُّسل، وهذا فضلُ الله يؤتيه من
(١) ينظر: مجموع الفتاوى (١٨/ ١٧١ - ١٧٥)، وبدائع الفوائد (٢/ ٤٤٥ - ٤٤٨)، وشرح العقيدة الطحاوية لشيخنا (ص ٧٩). وذكر ابن تيمية وابن القيم قسمين آخرين وهما: الهداية إلى مصالح الدنيا، والهداية في الآخرة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute