للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولشهرتها وتعظيمِ المالكيةِ لها ولمؤلفها؛ كثُرت العنايةُ بها، وكَثُرَ شُرَّاحُها وحُفَّاظُها وناظموها، فقد اعتنى بها الناسُ عنايةً عجيبةً: شرحًا ونظمًا ودرسًا وتدريسًا، حتى قيل إنها كُتِبَت بالذّهب (١)، ولا أقول: إنها أفضل من غيرها، ولكنَّ العادةَ أنَّ كلَّ أهلِ مذهبٍ يُعظِّمون علماءَ مذهبهم ومؤلفاتِهم، بل قد يتعصَّبون لهم، وإلَّا فقد قُرئت عليَّ، فوجدتُ أنَّها كتابُ فقهٍ مختصرٍ جدًا؛ ككتب الفقه المختصرة التي تكون عبارتُها فيها خفاءٌ؛ بسبب شدَّةِ الاختصارِ، ك «العمدة» في الفقه على مذهب الإمام أحمد مع أنَّ كتبَ الحنابلة أوضحُ عبارةً من المؤلفات في المذاهب الأخرى، وابنُ قدامة ضَمَّن كتابَه بعضَ الأحاديث، ونوَّه عن هذا في المقدمة.

ومذهبُ أهل السنَّة في الاعتقاد ليس محصورًا على الحنابلة، فالأئمةُ كلُّهم على مذهب السَّلف، بل هم من السَّلف؛ لأنهم على مذهب مَنْ قبلهم من الصحابة والتابعين - رضوان الله عليهم - (٢).

وقد دخلت المذاهبُ الكلاميَّةُ على كثيرٍ من المتأخرين من أهل المذاهب الأربعة في مسائل الاعتقاد، فتجدُ هؤلاء ينتسبون إلى الأئمة في أبواب ومسائلِ الأحكامِ الفقهيةِ، ويخالفونَ الأئمةَ الذين ينتسبون


(١) ينظر: معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان للدبَّاغ (٣/ ١١١).
(٢) ينظر: منهاج السنة (٢/ ١٠٥ - ١٠٦)، ومجموع الفتاوى (٥/ ٢٥٦)، والإيمان (ص ٣١٥)، وللاستزادة ينظر: اعتقاد الأئمة الأربعة لمحمد الخميس.

<<  <   >  >>