(وأنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ، ليس بمخلوقٍ فيَبِيد، ولا صفة لمخلوقٍ فينفد):
هذا تخصيصٌ للقرآن ببيان ما يجب اعتقاده فيه؛ فقد بيَّن فيما سبق أنَّ كلامَ الله من صفات ذاته وليس بمخلوقٍ، كذلك بيَّن هنا أنَّ القرآن ليس بمخلوقٍ، فالقرآنُ كلامُه، تكلَّمَ به حقيقةً، وليس بمخلوقٍ كما يقول المُبطلُون من الجهميةِ والمُعتزلة.
وعلى قولِ هؤلاء الضالين يصيرُ القرآن مثلَ سائرِ الكلام، فكلامُ الناس مخلوقٌ، وكلامُ الملائكةِ مخلوقٌ، وكلامُ الجِنِّ مخلوقٌ، فكلامُ المخلوق مخلوقٌ، وكلامُ الخالقِ ليس بمخلوقٍ، كعلمِه وسمعه وبصره، والقرآنُ كلامه، بل هو صفةٌ له تعالى، تكلَّمَ به وسمعَه جبريلُ، والله يُكلِّم مَنْ شاءَ، ومَن كَلَّمَه سمعَ كلامه كما سمعَ موسى كلامَ الله من الله بلا واسطةٍ، لكن من وراءِ حجابٍ.
والقرآنُ ليس بمخلوقٍ فيَبِيدُ ويذهبُ، قالَ الله تعالى: ﴿قُلْ لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (١٠٩)﴾ [الكهف]، فكلامُ الله لا نهايةَ له، لا أزلًا ولا أبدًا؛ قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا