للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكنْ أعظمُ هذه الودائعِ ما استودعَ اللهُ عبادَه من دينه وشرعه، فالواجباتُ الشرعيةُ أمانةٌ، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الأحزاب: ٧٢].

ولهذا قال: (على رِعاية ودائِعه، وحِفظِ ما أَودعَنا من شرائعه)، فالإنسانُ مسؤولٌ عن علمه وعمله؛ فكلُّه أمانةٌ، وعليه أنْ يقومَ بواجب علمه، وبسائر ما أوجبه اللهُ.

قوله: (فإنك سألتني أن أَكتبَ لك جملةً مختصرةً من واجب أمورِ الديانة، مما تَنطقُ به الألسنةُ، وتعتقدُه القلوبُ، وتعملُه الجوارحُ): هذا تصريحٌ بسببِ التأليف، فقوله: (من واجب أمور الديانة): يعني: في أمور الديانة، والديانةُ: التَّديُّنُ، فهي مصدرٌ؛ مثل العناية، والصناعة، يقال: يفعل هذا ديانةً؛ يعني تَدَيُّنًا وعبادةً.

وقوله: (مما تَنطقُ به الألسنةُ، وتعتقدُه القلوبُ، وتعملُه الجوارحُ): لأنَّ الدِّينَ يتعلَّقُ بهذه الجوانب، فمثلما نقول في الإيمان: اعتقادٌ بالجنان، وقولٌ باللسان، وعملٌ بالأركان؛ أي: بالجوارح.

فأمورُ الديانةِ تتعلَّقُ بهذه الجوارح والجوانح (١)، وتحقيقُ القيامِ بدِينِ الله إنما يكون بالاعتقاد الصحيح والقولِ الحقِّ، والعملِ الصالحِ ظاهرًا وباطنًا.


(١) مراد شيخنا - حفظه الله - بالجوانح هنا: البواطن. وأصل الجوانح: أوائل الضلوع تحت الترائب مما يلي الصدر، كالضلوع مما يلي الظهر. ينظر: لسان العرب (٢/ ٤٢٩).

<<  <   >  >>